الجيش يدخل درعا وأنباء عن عشرات القتلى

شهدت الساحة السوريّة خلال الأيام القليلة الماضية تطورات عديدة، كان أبرزها دخول الجيش مباشرة إلى ساحة المواجهة في درعا، حيث انتشرت مدرعات في الشوارع، وسط أنباء متضاربة عن سقوط أعداد من القتلى والجرحى، إضافة إلى حديث أردني، نفته دمشق، عن إغلاق الحدود مع الأردن
أعلن مصدر عسكري سوري مسؤول أمس أن وحدات من الجيش السوري دخلت بلدة درعا الجنوبية لإعادة الهدوء وإنهاء «عمليات القتل والتخريب» التي تمارسها «مجموعات إرهابية متطرفة»، مشيراً إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى من الطرفين واعتقال عدد من عناصر «المجموعات الإرهابية» ومصادرة كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن المصدر قوله إن بعض وحدات الجيش دخلت مدينة درعا «استجابة لاستغاثات المواطنين والأهالي» فيها و«مناشدتهم القوات المسلحة ضرورة التدخل ووضع حد لعمليات القتل والتخريب والترويع الذي تمارسه المجموعات الإرهابية المتطرفة». وأوضح أن دخول الجيش إلى المدينة أتى «لإعادة الهدوء والأمن والحياة الطبيعية إلى المواطنين» وأن قوات الجيش «تلاحق الآن، بمشاركة القوى الأمنية، هذه المجموعات».
وقال المصدر إن القوات الأمنية «تمكنت من إلقاء القبض على العديد» من عناصر «المجموعات الإرهابية، إضافة إلى مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر». وأضاف أن «المواجهة» أدت إلى وقوع «عدد من الشهداء والجرحى في صفوف الجيش والقوى الأمنية... كذلك سقط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المجموعات الإرهابية المتطرفة». وفيما لم يحدد المصدر عدد القتلى، بثت «سانا» خبراً عن تشييع تسعة عسكريين سقطوا «برصاص مجموعات إجرامية مسلحة» في بلدة نوى التابعة لمحافظة درعا وفي ريف دمشق وحمص.
ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن «سكان في درعا» قولهم إن مئات الجنود تدفقوا على المدينة. وقال شاهد للوكالة إنه رأى جثثاً ملقاة على الأرض في شارع رئيسي قرب المسجد العمري بعدما دخلت ثماني دبابات ومدرعتان الحي القديم في المدينة. وتابع قائلاً إن «الناس يحتمون في المنازل. أرى جثتين قرب المسجد ولم يتمكن أحد من الخروج لإبعادهما».
وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي «إن الاتصالات الهاتفية مع مدينة درعا مقطوعة منذ الفجر ولا نعلم ماذا يجري هناك، لكن حسب ما وصلنا من معلومات هناك استعدادات لعملية عسكرية كبيرة يبدو أنها بدأت فعلاً، وكذلك الأمر في مدينة دوما» في ريف دمشق.
وقال الناشط عبد الله أبا زيد لوكالة «فرانس برس» إن «25 شهيداً على الأقل سقطوا إثر قصف كثيف شنته قوات الجيش على المدينة»، موضحاً أن لديه لائحة بأسماء معظمهم.
وأضاف أبا زيد أن «القوات احتلت جامع أبو بكر الصديق وبلال الحبشي وجامع المنصور، بالإضافة إلى مقبرة الشهداء»، مشيراً إلى أن «القناصة صعدوا إلى المآذن وأسطح المنازل حيث استمروا بإطلاق النار».
ونشرت شبكتا «شام» و«أوغاريت»، بحسب وكالة «يو بي آي»، أسماء 13 شخصاً قالت إنهم قتلوا في اقتحام درعا وبصرى الشام، فيما نقلت عن شهود عيان أن العدد الإجمالي بلغ إلى الآن 25 قتيلاً وعشرات الجرحى.
وفي جبلة، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن قوات الأمن السورية قتلت بالرصاص 13 مدنياً على الأقل منذ أن دهمت بلدة جبلة الساحلية أول من أمس.
وفي تطور لافت، أعلن مسؤولون محليّون في محافظة درعا الاستقالة من مناصبهم، حيث أعلن عضوا مجلس محافظة درعا بسام الزامل ويمان مقداد استقالتهما احتجاجاً على طريقة تعامل الأمن مع المتظاهرين. وكان قد سبقهما إلى الاستقالة، للسبب نفسه، النائبان ناصر الحريري وخليل الرفاعي، عضوا مجلس الشعب السوري عن درعا، ومفتي محافظة درعا الشيخ رزق عبد الرحيم أبازيد.
وفي تعليق على عمليات درعا، قالت سهير الأتاسي، الناشطة السورية المدافعة عن حقوق الإنسان، إن «السلطات السورية بدأت حرباً على الحركة السلمية المطالبة بالديموقراطية في سوريا بمهاجمة ثلاث مدن». وتابعت في بيان أرسل إلى «رويترز» تقول إن «هذه حرب وحشية تهدف إلى إبادة السوريين المطالبين بالديموقراطية».
بدوره، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس» إن «السلطات السورية اتخذت على ما يبدو قراراً بالحسم العسكري والأمني». وأشار إلى أن «ذلك واضح من خلال ما جرى في جبلة (غرب) ودرعا (جنوب) ودوما (ريف دمشق)». وأكد أن «هذه الحلول لن تنفع؛ لأن الحوار الوطني هو الوحيد القادر على حماية سوريا».
وتقول جماعات حقوقية إن قوات الأمن قتلت أكثر من 350 مدنياً منذ بدء الاضطرابات الشهر الماضي، ثلثهم سقط خلال الأيام الثلاثة الماضية، ولا سيما احتجاجات يوم الجمعة، حيث ذكر ناشطون حقوقيين أن عدد قتلى احتجاجات هذا اليوم وصل إلى 112.
وأصدر 102 كاتب وصحافي سوري، في الداخل والخارج، بياناً نددوا فيه بـ«حملة القمع الدامية على المحتجين»، ودعوا المثقفين الذين لم يكسروا حاجز الخوف إلى اتخاذ موقف واضح. وقال البيان: «نحن الكتاب والصحفيين السوريين نوجه هذا البيان الاحتجاجي ضد الممارسات القمعية للنظام السوري ضد المتظاهرين ونترحم على جميع شهداء الانتفاضة السورية ضد النظام».
ومن بين الموقعين على البيان السجين السياسي السابق لؤي حسين، والكاتبتان سمر يزبك وهالة محمد وسعاد جروس، مراسلة صحيفة الشرق الأوسط والكاتب والسجين السياسي السابق ياسين الحاج صالح والمخرج السينمائي محمد علي الأتاسي.
من ناحية أخرى، قال وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال طاهر العدوان إن السلطات السورية أغلقت حدودها البرية مع الأردن في خطوة تبدو مرتبطة بالتطورات التي تشهدها سوريا. إلا أن المدير العام للجمارك السورية مصطفى البقاعي نفى إغلاق الحدود مع الأردن، قائلاً إن الحركة تسير بنحو طبيعي.