«ويكيليكس»: الأميركيون حاولوا قطع النفط الإيراني عن الصين

كشفت وثائق دبلوماسية أميركية سرّبها موقع «ويكيليكس» أمس أن «الولايات المتحدة والسعودية تعاونتا لزيادة إمدادات النفط الخام إلى الصين على حساب إيران».
خطوة أتت لإيذاء إيران والفوز بدعم الصين في ملف العقوبات الدولية ضد برنامج إيران النووي، خصوصا أن تخوف بكين من قطع طهران إمدادات النفط عنها لطالما منعها من الوقوف صراحة إلى جانب الغرب في ما يتعلق بنشاط إيران النووي.
وفيما زادت شحنات النفط السعودي إلى الصين على مدى السنوات الماضية، مقابل دعم بكين لعقوبات الأمم المتحدة على طهران، لا تزال تكتلات النفط الصينية تتحرك داخل قطاع النفط الإيراني مع الفراغ الناجم عن انسحاب معظم كبار اللاعبين النفطيين منه.
وتسرد الوثائق كيف عمل دبلوماسيون أميركيون مع المملكة السعودية وغيرها من كبار مزوّدي النفط في الشرق الأوسط، على إقناع الصين بدعم أقسى العقوبات ضد إيران.
وناقش السعوديون والأميركيون كيف ان زيادة الإمدادات النفطية إلى الصين «سيكون لها تأثير ايجابي لجهة تقويض النفوذ الإيراني على بكين»، وفق ما قاله المسؤولون الأميركيون لوزير النفط السعودي علي النعيمي في آب عام 2009.
وكان دبلوماسي فرنسي معني بشؤون الشرق الأوسط قال قبل ذلك بشهرين لمسؤول في السفارة الأميركية نقلا عن دبلوماسيين سعوديين تحدثوا لنظرائهم الصينيين قولهم «ان كنتم تريدون النفط منّا.. فعليكم زيادة الضغط على إيران».
معادلة لم تغب عنها الأهمية الاقتصادية لمثل هذه الصادرات بالنسبة إلى السعودية، إذ يؤكد النعيمي بحسب برقية تعود لشهر آب عام 2009، أن مبيعات النفط السعودي الى الصين نمت مقابل الزيادة في الطلب، وأن المملكة تريد تنويع زبائنها مثلما أرادت الصين وبلدان أخرى تنويع إمدادات الطاقة ومورّديها.
واليوم، تعد السعودية اكبر مصدر نفطي بالنسبة إلى الصين، كما ان المملكة تزوّد بكين بكميات تفوق تلك التي تزوّد بها الولايات المتحدة. وبمجرد بدء الرياض تكثيف شحناتها النفطية الى الصين، بدأت بكين بدورها حث إيران على اخذ المقترحات الغربية على محمل الجد تمهيداً لإنهاء المواجهة النووية.
وقال وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي للسفيرة الاميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس خلال اجتماع في حزيران عام 2009 إن «الصين حثت ايران اكثر من مرة على التعاون مع الولايات المتحدة في اكثر من منطقة»، مضيفا انه متأكد، رغم خطاب طهران، ان الاخيرة معجبة في «عمق ذاتها» باستعداد الرئيس الأميركي باراك اوباما للتعاون.
اجتماع يانغ - رايس كان واحدا من بين اجتماعات عدة أظهرت كيف لعبت الصين دور الوسيط بين واشنطن وطهران، أو كيف طُلب منها ان تكون كذلك.
وفي 16 تشرين الأول عام 2009، طلب المندوب الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غلين دايفيز من نظيره الصيني هو زياودي، إقناع إيران بإرسال مندوب عالي المستوى إلى اجتماع الوكالة في فيينا. وأجاب هو قائلا انه سيكون من «الغريب» على الصين تمرير مثل هذا الاقتراح، نظرا لعدم مشاركة الصين في الاجتماع، بحسب ما أفادت إحدى الوثائق الدبلوماسية.
ومع سعي الصين لأن تكون لاعباً نفطياً أساسياً، تتقدّم شركاتها بقوة داخل إيران عن طريق استثمارات تفوق قيمة 6 مليارات دولار توظفها لمساعدة طهران على تطوير حقول «أزاديغان» النفطية في الشمال والجنوب، وفق ما نقلت وكالة «مهر» للأنباء عن احد المسؤولين الإيرانيين في آذار الماضي.
وتظهر البرقيات الدبلوماسية المسربة كيف تسعى شركات النفط الصينية العملاقة إلى درء أي خطر يمكن ان تحدثه واشنطن عبر فرضها عقوبات من جانب واحد عليها ازاء نشاطها في إيران.
وتقول وثيقة صادرة من بكين في كانون الأول عام 2009 انه «لطالما تحلى مسؤولو الشركات الصينية بالحذر الكبير في وصف مشاريعهم في طهران إن كان من ناحية عقود الخدمة أو الهندسة، والتي لا تنطوي على حصص أسهم أو استثمار لرؤوس الأموال».
ويتابع الكونغرس الأميركي النشاط الصيني في إيران عن كثب. فمع سعي واشنطن إلى استبدال إيران بالسعودية كمصدر نفطي للصين، ها هي تحاول اليوم بقوة إبعاد الشركات الصينية عن إيران، مع فرضها في حزيران الماضي عقوبات جديدة على كل شركة تبيع البنزين للايرانيين او تستثمر في تكرير النفط الإيراني، وذلك بعدما رفضت طهران تعليق تخصيب اليورانيوم.