انتشار للجيشين اللبناني والسوري عند طرفي الحدود

سيطر الهدوء التام أمس، على المعابر الحدودية التي تربط قرى وبلدات وادي خالد مع الجانب السوري، وتحديداً معبر البقيعة الغربي، ومعبر الدبابية - حكر جنين، اللذين شهدا في الأيام الماضية حركة نزوح كثيفة للعائلات السورية إلى المناطق العكارية، وسط انتشار للجيش السوري في العريضة واستمرار الجيش اللبناني لتعزيزاته على معبر البقيعة. وفي المقابل، تدفقت الحصص الغذائية المخصصة للنازحين من "الهيئة العليا للإغاثة" وهيئة الأمم المتحدة، ليستلمها مخاتير القرى العكارية، على أن يسلموها بدورهم للعائلات السورية في قراهم. ولم يفد يوم أمس عن دخول نازحين جدد، بل اقتصرت الحركة عند المعابر على عناصر الجيش السوري، الذي أعاد انتشاره في قرية العريضة السورية، محكماً سيطرته على مركز "الهجانة" (خفر الحدود) الواقع على بعد بضعة أمتار من قرية البقيعة اللبنانية، حيث مركز للقوة المشتركة لضبط الحدود ومراقبتها. وشوهدت دبابات تابعة للجيش السوري تتمركز في بلدة العريضة. كما سمع بعض الطلقات الرشاشة في محيط المنطقة في ساعات الصباح الأولى أمس. من جهته، تابع الجيش اللبناني تعزيزاته التي بدأ باتخاذها منذ أيام على معبر البقيعة الغربي، فتم رفع سواتر ترابية في محيط مركز القوة الأمنية المشتركة لضبط الحدود، وأقيمت أسوار من الأسلاك الشائكة في محيط ذلك المركز، بهدف الحدّ من عملية انتقال الأفراد بطريقة عشوائية. كما عمدت القوة المشتركة لضبط الحدود ومراقبتها إلى تمشيط المنطقة، وتسيير دوريات على طول مجرى النهر الكبير، وذلك بعد الشائعات التي تناقلها الأهالي عن وجود مصابين بين منطقة العريضة والبقيعة الحدوديتين. ويبدو أنه من المستبعد دخول المزيد من النازحين السوريين إلى الأراضي اللبنانية عبر المعابر الشمالية، وذلك بسبب إحكام الجيشين السوري واللبناني سيطرتهما التامة على الحدود والمعابر غير الشرعية، الواقعة على مجرى النهر الكبير، والتي كان يسلكها الأهالي للوصول إلى قرى وبلدات وادي خالد. ويترقب النازحون الذين تجمعوا في بلدة العريضة اللبنانية ومقابل جسر البقيعة بحذر شديد حركة عناصر الجيش السوري، معتبرين أن عودة عناصر الهجانة إلى المركز على ضفاف مجرى النهر يعني انتهاء العمليات العسكرية داخل المدينة. وأبدى العديد منهم ارتياحهم لعودة الأمور إلى طبيعتها في بلدتي تلكلخ والعريضة، ما يعني إنهاء حالة النزوح والعودة في أقرب وقت ممكن إلى الديار لممارسة حياتهم الطبيعية. وابدى آخرون مخاوفهم مما يجري، مؤكدين على خلو تلك البلدات تماماً من سكانها، وأن عناصر الجيش تفتش المنازل وتعتقل الشباب، الذين بقوا في الداخل، وينتظر النازحون ما ستؤول إليه الأمور اليوم (الجمعة) بعد صلاة الظهر، مع دعوات من مناوئي النظام السوري إلى يوم "جمعة التحرير"، ليقرروا ما إذا كانوا سيعودون إلى ديارهم أم لا. ولفت م.ح. إلى أنه هرب يوم أمس الأول من بلدة العريضة عبر الجبال المحيطة بالمنطقة، وسلك معبر الغيضة غير الشرعي، وذلك بعدما تم إخلاء البلدة من سكانها بالكامل، مؤكداً أن "عناصر الجيش يقومون بتمشيط المنازل، وأن الأوضاع الأمنية متدهورة والناس في حالة قلق دائم حول مصيرهم ومصير أبنائهم". أما النازحة س. ي. فتؤكد "أنها تنتظر بفارغ الصبر عودة انتشار الجيش في بلدة تلكلخ، لتتمكن من العودة إلى ديارها مع أطفالها الستة"، لافتة إلى أن "إقامتها قد طالت في الجانب اللبناني، ونحن اشتقنا لديارنا ونريد الاطمئنان على ممتلكاتنا". وفي المقابل، يتابع رؤساء بلديات ومخاتير القرى الحدودية في وادي خالد، وقرى الدريب الأوسط، استلام المساعدات الغذائية والعينية التي قدمتها "الهيئة العليا للإغاثة" وهيئة الأمم المتحدة إلى النازحين. فعمدوا أمس، إلى إبراز اللوائح التي تم تعبئتها مع النازحين، والتي تتضمن أسماءهم والبلدات التي أتوا منها وعدد أفراد الأسرة. وتسلموا من "ثانوية البيرة الرسمية" في الدريب الأوسط، والتي جرى تحويلها إلى مركز لاستقبال وتوزيع الخدمات، و"ثانوية بهية الحريري" في بلدة العماير، الحصص الغذائية المخصصة للنازحين. وأبدى المخاتير ارتياحهم لتسريع عملية تسليم المساعدات، خصوصاً أن أوضاع النازحين لم تعد تحتمل الانتظار أكثر من ذلك، لافتين إلى أنه سيتم تبليغ الأهالي لاستلام حصصهم وتعويض النقص الذي عانوه في الأيام الماضية.