الفلسطينيون يستعدون مجدداً للزحف نحو الحدود

المنظمون يهدفون لإبقاء الاحتلال في حالة استنفار دائم وقلق وارتباك.. والمسيرات ستتوالى حتى عودة اللاجئين

خبير إسرائيلي يحذر من سيناريوهات يصعب على تل أبيب مواجهتها خاصة إذا قامت الدولة الفلسطينية المستقلة

القدس المحتلة – نظير طه – زكي خليل

أعلنت اللجنة التحضيرية لمسيرات العودة بأن مسيرة الخامس عشر من مايو ليست سوى البداية، داعية الفلسطينيين للتظاهر والزحف نحو الحدود التاريخية لفلسطين المحتلة عام 48 و67 في الخامس من شهر يونيو /حزيران المقبل. ودعت اللجنة التحضيرية لللاجئين الفلسطينيين في البلاد الأجنبية بالقدوم في ذلك اليوم أو قبله على متن طائرات عادية تحط في مطارات فلسطين المحتلة العام 1948.

كما دعت اللاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم، وكل أحرار العالم إلى الاستعداد والتحشيد للمشاركة في مسيرة العودة الثانية، وذلك يوم الأحد الخامس من يونيو / حزيران المقبل الذي يوافق ذكرى العدوان الإسرائيلي في العام 1967 حيث ستنطلق الحشود من كافة أماكن وجود اللاجئين الفلسطينيين صوب خط الهدنة في الضفة والقطاع والحدود مع فلسطين المحتلة في الأردن وسوريا ولبنان في مسيرات سلمية ترفع العلم الفلسطيني.

وقالت اللجنة إنه على الاحتلال أن يظل في حالة من الاستنفار الدائم والقلق والارتباك، لأن المسيرات ستتوالى ولن يوقفها سوى عودة كل اللاجئين إلى حيفا ويافا والمجدل والسبع وكل البلدات المحتلة على حد قولهم . كما دعت اللجنة التحضيرية لمسيرات العودة الى فلسطين القانونيين بالبدء في إجراءات رفع دعاوى قضائية ضد قادة الاحتلال لمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين السلميين في الخامس عشر من مايو وهو ذكرى 63 للنكبة وتقديمهم للعدالة.

وطالبت الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها في حماية اللاجئين الفلسطينيين وتأمين وصولهم إلى ديارهم وفق ما نصت عليه القرارات والقوانين الدولية خاصةً القرار 194، داعيةً لحماية مسيرة العودة المقبلة والضغط على دولة الاحتلال لعدم قمعها مهما كانت الظروف، فاللاجئون لا يطالبون بأكثر من حق فطري مكفول لهم في كافة الشرائع والقوانين. وأكدت اللجنة أن مسيرات العودة هي جهد شعبي بامتياز، داعيةً كافة الفصائل الفلسطينية إلى إبداء قدر أكبر من الاهتمام بها ودعمها والمشاركة فيها. وأعربت اللجنة التحضيرية عن أملها من كافة أنظمة الدول العربية المحيطة بعدم اعتراض طريق المتظاهرين السلميين لأن وجهتهم هي ديارهم ولا يحملون أي نوايا عدوانية تجاه أي طرف من الأطراف، مؤكدة على ضرورة تحمل المنظمات الدولية مسؤوليتها في حماية المسيرات المقبلة.

وأكد الخبير الإسرائيلي في الشؤونِ الأمريكية والدولية د. دوري غولد إن الأحداث في مجدل شمس الاسبوع الفائت عندما حاولت جموع فلسطينية من سوريا اختراق الحدود الى هضبة الجولان السورية المحتلة، يجب ان تكون تحذيرا من تطورات في المستقبل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

وقال غولد الذي كان مستشارا سابقا لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقال نشرته له صحيفة "اسرائيل اليوم" الاسرائيلية امس الاول "إن حكومات اسرائيل أخذت في الماضي بموقف تقليدي مؤداه أن مشكلة اللاجئين في 1948 يجب أن تُحل في إطار الدول التي يسكنونها الآن". مضيفا أنه "ولسبب غير واضح، تغيرت سياسة إسرائيل الرسمية وبدأت حكومات مختلفة تقول إن الفلسطينيين يستطيعون تحقيق حق العودة الى دولة فلسطينية كما يستطيع اليهود تحقيق حقهم في استيطان دولة يهودية".

واقتبس تصريحات لوزيرة الخارجية تسيبي لفني في 2006 عندما قالت أمام الجمعية العامة للامم المتحدة ان الدولة الفلسطينية ستكون "جوابا للاجئين الفلسطينيين مهما يكونوا". واشار الى انه في ذلك الوقت بينت الدول العربية على نحو لا لبس فيه انها تعارض ان يستقر لاجئون فلسطينيون في البلدان التي يسكنونها. حيث تُبين قراءة حذرة للمبادرة العربية في 2002 انها ترفض "التوطين"، وهو استقرار اللاجئين في الاماكن التي يسكنونها. ورفض التصريح الختامي لمؤتمر القمة العربية الذي صحب نشر المبادرة توطين الفلسطينيين من جديد خارج بيوتهم الأصلية.

وفسر غولد المعنى البسيط لهذه الصيغة وهو انه "ينبغي عدم تمكين اللاجئين من العيش في لبنان وسوريا والاردن، بل في الدولة الفلسطينية! أي انه في حين يوجد عدد غير قليل من الاسرائيليين يخطئون برؤيتهم للمبادرة العربية كوثيقة "معتدلة"، فإنها في واقع الامر تصر على "حق العودة" الفلسطينية الى داخل اسرائيل".

وأوضح إنه إذا نشأت دولة فلسطينية فهناك عدد من السيناريوهات الصعبة التي ستضطر إسرائيل الى مجابهتها. يمكن ان نفترض بحذر ان عددا من الدول العربية ستطرد الفلسطينيين الذين يسكنون فيها وترسلهم الى الضفة الغربية. تذكرون انه خلال العشرين سنة الاخيرة طردت الكويت وليبيا سكانهما الفلسطينيين ووقف العالم يراقب ناحية. اذا فقدت اسرائيل سيطرتها على نقاط دخول الضفة فإن مئات الآلاف من اللاجئين يستطيعون دخولها.

وتساءل غولد في مقالته : هل ستبني الدولة الفلسطينية مساكن ثابتة لهم؟ فأجاب على ذلك بقوله يحسن أن نتذكر ان السلطة الفلسطينية رفضت حتى الآن تفكيك مخيمات اللاجئين في الضفة. فسلام فياض قال في يونيو 2010 انه حتى لو أرادت السلطة ان تعمل على تحسين ظروف عيش السكان في مخيمات اللاجئين فليس معنى ذلك جعل المكان سكنا دائما أو تخليا عن "حق العودة". ويقول متحدثو السلطة اليوم إن "حق العودة" حق فردي لكل لاجئ ولهذا فليس هو موضوعا يمكن التنازل عنه في اطار تفاوض.

ورأى غولد انه مع أخذنا في الحسبان هذا الموقف وأحداث مجدل شمس، يجب على اسرائيل ان تأخذ في حسابها سيناريو يطرق فيه عشرات آلاف اللاجئين الحدود الاسرائيلية الفلسطينية ويطلبون العودة الى اسرائيل لتحقيق "حق العودة". سيحاول كثيرون التسلل لكن ستكون المشكلة المركزية هي الجموع التي ستحاول هدم السور مع تجنيد تأييد دولي. واختتم غولد حديثه بالقول "عندما تفاوض اسرائيل الفلسطينيين تأخذ في حسابها سيناريوهات عسكرية: هل ستوجد جبهة شرقية جديدة؟ وكيف ستؤثر سيطرة الاخوان المسلمين في الاردن؟ وهل يصبح العراق تابعا ايرانيا؟ لكن أحداث مجدل شمس تثير سيناريوهات اخرى. سيكون من الخطأ الشديد محاولة حل مشكلة يُعرفها كثيرون بأنها مشكلة سكانية بواسطة اقامة دولة فلسطينية تُحدث مشكلة سكانية أشد كثيرا".