كتب د0 مجدي سالم الخبير في شؤون الحركة الوطنية الأسيرة :أبدأ حديثي عن منظمة التحرير الفلسطينية من حيث بدأ القائد والشجاع والمناضل أحمد الشقيري في بيانه الذي تلاه بتاريخ 28آيار (مايو) 1964 بيان إعلان منظمة التحرير الفلسطينية حيث قال : إيمانا بحق الشعب العربي الفلسطيني في وطنه المقدر فلسطين وتأكيدا لحتمية معركة الجزء المغتصب منه وعزمه وإصراره علي إبراز كيانه الثوري الفعال وتعبئة طاقاته وإمكانياته وقواه المادية والعسكرية والروحية وتحقيقا لإرادة شعبنا وتصميمه علي خوض معركة تحرير وطنه بقوة وصلابة طليعة مقاتلة فعالة للزحف المقدس وتحقيقا لأمنية أصيلة عزيزة من أماني الأمة العربية ممثلة في قرارات جامعة الدول العربية ومؤتمر القمة العربي الأول .
أعلن بعد الإتكال على الله باسم المؤتمر العربي الفلسطيني الأول المنعقد بمدينة القدس , في هذا اليوم السادس عشر من محرم لعام 1384ه الموافق الثامن والعشرين من أيار (مايو) عام 1964 قيام منظمة التحرير الفلسطينية قيادة معبئة لقوى الشعب العربي الفلسطيني لخوض معركة التحرير ودرعا لحقوق شعب فلسطين وأمانيه وطريقاً للنصر .
ونظرا لأهمية منظمة التحرير الفلسطينية في حياة وتاريخ ومسيرة كفاح الشعب العربي الفلسطيني الشجاع ,,, فالمنظمة هي الهوية السياسية وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وهي المرجعية الوطنية العليا لشعبنا ولسلطتنا الوطنية الفلسطينية وهي مرجعية المفاوضات السياسية مع الجانب الإسرائيلي وهي الحاضنة والراعية لقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 كيف لا وهي التي أقرت اليوم الوطني للأسير الفلسطيني في السابع عشر من نيسان . في واقع الأمر حري بنا ونحن نتحدث ونتطرق عن ذكرى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية أن نتحدث عن انجازات منظمة التحرير الفلسطينية على كل الصعد والمحاور والجبهات والمجالات لا أن نتحدث عن شيخوختها كما يحلو للبعض تسميته في هذا اليوم التاريخي لذكرى تأسيس المنظمة يجب أن يعي الجميع بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي التي احتضنت قضية المعتقلين , منذ مطلع العام1967 وكانت هي المسؤولة عن شؤونهم ورعايتهم وكانت أيضا ناطقة بلسانهم أمام المؤسسات والمحافل الدولية .
فهي التي أشرفت وبشكل علني علي الدفاع عن أول قضية للمعتقلين وهي قضية الأسير الفلسطيني محمود بكر حجازي التي أخذت جانبا إعلامياً دولياً , أول أسير للثورة الفلسطينية .
وفي رسائل خطية وصلت إلينا من عتمات الزنازين حيث أكد فيها أسرانا على أهمية منظمة التحرير الفلسطينية كما وأكدت الرسائل التي وصلت من قيادات الأسرى في السجون الإسرائيلية علي أبرز انجازات المنظمة لاسيما ما يتعلق بتخصيص يوم من أيام السنة يوما للأسير الفلسطيني الذي يصادف السابع عشر من نيسان , بالإضافة إلي الحفاظ علي الهوية الفلسطينية ونضال المنظمة وجهودها الجبارة من خلال عمليات التبادل للإفراج عنهم .
هذه الرسائل هي التي دفعتني أن أكتب عن المنظمة في ذكرى تأسيسها في ذكرى تأسيسها وخاصة على صعيد إنجازاتها لصالح قضية الأسرى فلقد استطاعت أن توحد جميع ألوان الطيف السياسي بمختلف انتمائهم ومشاربهم السياسية نحو يوم الأسير الفلسطيني والذي سمي باليوم الوطني لنصرة الأسرى .
إن منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة برئيسها الراحل أحمد الشقيري ورئيسها الراحل ياسر عرفات والرئيس محمود عباس والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية ودوائرها السياسية والاقتصادية والمنظمات الشعبية والإعلام والثقافة والإرشاد القومي والشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم والمجلس المركزي والصندوق القومي الفلسطيني وجيشها ' جيش التحرير الوطني الفلسطيني ' ومركز الأبحاث الفلسطيني والفصائل المنضوية تحت لوائها اهتمت بقضية الأسرى.
إن هذا الاهتمام الفلسطيني بامتياز من منظمة التحرير تجاه قضية المعتقلين هو اهتمام جدير من كل بيت فلسطيني بالاحترام والتقدير لأنه لا يوجد بيت فلسطيني يخلوا أحد أفراد أسرته من الأسر فمجمل حالات الاعتقال منذ العام 1967 وصلت حتى يوم الأسير الفلسطيني 17/4/2011 '850.000'ألف حالة اعتقال وفي حقيقة الأمر جهود منظمة التحرير تجاه قضية المعتقلين قوبلت بترحاب من قبل الداخل الفلسطيني فمنذ دعوتها الأولى لإحياء يوم الأسير الفلسطيني كان هناك تعاطي مع دعوتها قوي ومؤثر ومزلزل في حينه من خلال الفعاليات الشعبية للمواطنين وأهالي وذوي الأسرى والمؤسسات الأهلية والقانونية علي الصعيد المحلي والعربي والدولي وعلي الصعيد الشعبي في قطاع غزة والضفة الغربية وفي صفوف أهلنا في المنافي والشتات .
ولقد لبى أسرانا البواسل بطريقتهم الخاصة من خلال إضرابهم عن الطعام في جميع السجون هذا الأمر يعد ظاهرة جديدة حتى يومنا هذا حيث أصبح يوم الأسير يوم استراتيجي علي صعيد الأسرى والشعب وأصبح يوضع له الخطط والاستراتجيات والأنشطة والفعاليات المختلفة علي كل الصعد .
وفي إطار قضية المعتقلين في سجون العدو الصهيوني عملت المنظمة علي دعم ورعاية الأسرى داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية من خلال صرف رواتب شهرية لأهالي وذوي الأسرى في كافة السجون بدون تمييز بالنسبة للون السياسي وعملت علي دعمهم معنويا وماديا ودفعت لهم مبالغ مالية كبيرة , بقدر ما كانت تسمح به سلطات الاحتلال ممثلة لمصلحة السجون , وذلك لتمكينهم من شراء ما يلزمهم كانتينة السجن .
ومن الجدير ذكره بأن منظمة التحرير الفلسطينية لم تغفل يوما عن قضية الأسرى فاعتبرتها قضية مركزية وجوهرية وجسدتها حالة نضالية ثورية لا إنسانية اجتماعية .
وعملت علي الحفاظ علي تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة من خلال مركز الأبحاث الفلسطيني الذي أصدر ألاف المجلات والصحف والدراسات والبحوث عن تفاصيل قضايا الأسرى في المعارض التي كانت تقيمها مؤسسة صامد التابعة للمنظمة من بيروت وعمان .
وعلي الصعيد الإعلامي فقد لعبت المنظمة دورا محوريا تجاه قضية المعتقلين حيث كانت كافة وسائل الإعلام التي تمتلكها المنظمة تغطي فعاليات الإضرابات , وهذا ما اتضح من بيانات المنظمة المساندة لإضراب المعتقلين في سجن نفحة الصحراوي عام 1980 وتطور لاحقا موقف المنظمة الداعم لقضية الأسرى بتشكيلها لمؤسسة أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين , من خلال صرف مبالغ مالية للأسرى حيث كان يصرف مبلغ ستين دينارا أردنيا شهريا لكل ذوي سجين غير متزوج , وإن كان متزوجا , فأكثر من ذلك , وقد لاقي ذلك قدوم المئات من ذوي المعتقلين لمكتب المنظمة في عمان ( الشميساني ) لأخذ هذه الأموال .
وتبنت المنظمة إستراتيجية من نوع آخر تجاه الأسرى عقب الخروج من بيروت عام 1982من خلال تشكيل أذرع نقابية تمارس نشاطا جماهيريا لم تكن إسرائيل وفق لوائحها وأوامرها العسكرية جاهزة للقضاء عليه بسهولة , ومن ثم لاحقا عملت المنظمات علي دعم الفعاليات والاعتصامات المساندة لقضية الأسرى القابعين في زنازين وباستيلات العدو الصهيوني .
أما علي فيما يتعلق بوسائل الإفراج عن الأسرى فلقد عملت المنظمة من خلال الفصائل المنضوية تحت لوائها عبر عمليات التبادل منذ عام 1968 على تحرير 6000 أسير بدءا من عملية طائرة شركة العال الإسرائيلية مرورا بعملية محمود بكر حجازي 1971 وعملية الليطاني في 1979 وعملية 1983 التي أفرج بموجبها عن 4500 أسير وعملية 1985 التي أفرج بموجبها عن 1150 أسير خلاصة الحديث يجب أن يعي الجميع بأن شعبنا الفلسطيني هو شعب وفي وقيادته قيادة حكيمة ورشيدة ترعى مصالح شعبنا وتلبي حاجاته وطموحاته وتطلعاته بالحرية والاستقلال .
هذه القيادة الحكيمة ممثلة برئيس المنظمة الراحل أحمد الشقيري والرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات والرئيس محمود عباس ابو مازن لم تغفل عن قضية المعتقلين فالزعيم الراحل أبو عمار أصدر مرسوم رئاسي في العام 1998 بتشكيل وزارة شؤون الأسرى والمحررين لتكون مرجعية لقضايا الأسرى . ومنذ ذلك الحين أصبح في كل حكومة يتم تشكيلها وزيرا للأسرى والمحررين , ومنذ مطلع العام 2002 -2004 تم صياغة مسودة قانون حماية الأسير الفلسطيني وقدم مسودة مشروع قانون للمجلس التشريعي وثم المصادقة عليه من قبل الرئيس أبو عمار بعد قراءته بالقراءات الثلاث من المجلس التشريعي والتصويت عليه .
جاء هذا القانون على غرار قانون الخدمة المدنية للموظفين من أجل حماية حقوق أسرانا ومعالجة قضاياهم ( المالية – الاجتماعية – التأمين الصحي – الضمان الاجتماعي – الدمج والتأهيل ) .
وأخيرا فهناك سؤال يطرح نفسه وهو أين نحن اليوم منظمة وسلطة وحكومة ووزراء وسفراء ومحافظين وفصائل وقادة فصائل وقادة أجهزة أمنية ورؤساء جامعات ومجالس طلابية ومؤسسات تعني بشؤون الأسرى وحقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية ومراكز للدراسات والبحوث ومنظمات شبابية من قضية الأسرى أين كل هؤلاء من الاعتصام التضامني الذي عقد بالأمس القريب أمام باحة الصليب الأحمر بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من نيسان العام الحالي حيث كان الحشد لا يلبي الطموح ومخيب للآمال في ظل وجود 6000 أسير في السجون الإسرائيلية وأين هم اليوم من إضرابات الأسرى في السجون الإسرائيلية .
وأين هم اليوم في ظل اعتقال مروان البرغوثي وأحمد سعدات ونائل البرغوثي وفؤاد الرازم وفؤاد الشوبكي ونواب المجلس التشريعي والماجدات في أقبية الزنازين يتعرضن للاغتصاب والتحرش الجنسي .
باحث وخبير في شؤون الحركة الوطنية الأسيرة
عضو المجلس الإستشاري لموقع الحركة الشعبية لنصرة الأسرى والحقوق الفلسطينية