عمليات فريق طبي أميركي -فلسطيني الجراحية تعيد البسمة لشفاه أطفال الخليل

انتظر أمام غرفة العمليات في مستشفي الخليل الحكومي العشرات من الأطفال المرضى بالشفة الارنبية وفتحة سقف الحلق والتشوهات الخلقية في الوجه، لعل الحظ يبتسم لهم ويختارهم طاقم الأطباء الأميركي الزائر برئاسة جراح التجميل البروفسور جون اليست مع فريق الأطباء الفلسطينيين، بإجراء عمليات جراحية تعيد لهم ابتسامتهم المخنوقة والمفقود، وتخفف عن كاهل ذويهم التكاليف المالية الباهظة.
أسف وحزن
وأبدى البروفسور اليست الفلسطيني الهوى الذي يعرف نفسه بالكرمي، نسبة لمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، جذور والدته الفلسطينية، أسف وحزنه لتوجه المواطنين الفلسطينيين للعلاج بالخارج، رغم أن المستشفيات الفلسطينية تغص بالكفاءات، ولذلك بادر بتأسيس جمعية الشفة الارنبية وفتحة سقف الحلق الفلسطينية والتي تحاكي مثيلتها الاميركية، من فريق طبي فلسطيني متخصص تتيح علاج الحالات المرضية لها في الضفة الغربية، وتوفير التخصصات الكافية لهذه الحالات المرضية.
ويأمل البروفسور اليست أن يأتي المواطنين من الخارج للعلاج لدي هذا الفريق المتخصص في مستشفيات الضفة الغربية وليس العكس، وبذلك يخفف من الأعباء الاقتصادية الكبيرة التي تواجه العائلات التي لديها حالة مرضية ولا تستطيع تقديم العلاج اللازم لها بالخارج بسبب قلة الإمكانات المادية المتوفرة لديها، مشيرا أن هذا ما يميز الجمعية عن غيرها من الجمعيات ذات العلاقة.
وأوضح، انه جاء لفلسطين حاملا بيديه مفتاح يريد تسليمه لأطباء فلسطينيين، لديهم القدرة الهائلة على التعلم وعلى الاتصال معه وبإمكانهم إجراء عمليات حديثة جدا، مشيرا الى انه بعد ذلك ليس من الضروري عودته ووجوده شخصيا، مؤكدا أن هذا الفريق سيذهب العام القادم إلى لبنان لعلاج أطفال المخيمات الفلسطينية، ومن ثم إلى سوريا ليكون فريق من داخل فلسطين لفلسطيني الخارج.
نقل معاناة الشعب الفلسطيني
وبين البروفسور أليست، الذي حضر لفلسطين عام 2005م، أن الهدف ليس فقط توفير الخدمات الطبية للمرضى، وإنما هي نوع من التضامن مع الشعب الفلسطيني ونقل الصورة الحقيقة لمعاناته وآلامه للشعب الأميركي والبحث عن الآليات لدعمه وتوفير الحياة الأفضل للمواطنين الفلسطينيين.
90 عملية
وعلى مدى سبعة أيام أجرى الطاقم الطبي الأميركي المكون من عشر أشخاص، (90) عملية بمجال العمليات التجميلية للفم وسقف الحلق، وشخص 300 حالة، وكانت نتائجها رائعة غيرت حالة المريض من حالة إلى حالة.
وقال الدكتور وائل حلبي، رئيس قسم جراحة الوجه والفكين في المجمع الطبي في رام الله، أن فكرة جمعية الشفة الارنبية وفتحة سقف الحلق الفلسطينية، هي في طور التأسيس، مشيرا أن هناك موافقة مبدئية، موضحا أنها تركز على موضوع واحد وهو التشوهات الخليقة في الوجه، وعلاجها ومتابعتها ووضع دراسات وإحصائيات عن أمراض الشفة الارنبية وسقف الحلق والتشوهات الخلقية في الوجه.
وأوضح الدكتور حلبي، أن من يعاني من هذه الحالات يجب متابعته ثلاث عشر عاما، كون أن سقف الحلق والشفة الارنبية يتداخلها تخصصات متعددة كالتجميل وجراحة الوجه والفكين والأنف والأذن والحنجرة والنطق والسمعيات والنفسي حتى يخرج المريض بأحسن نتيجة، وليس مجرد إجراء عملية جراحية وانتهى الأمر.
بناء ثقة
وأشار، إنه انضم لفريق الجمعية لبناء ثقة المواطن الفلسطيني المفقودة بالطبيب الفلسطيني، بتقديم الخدمات الممتازة، موضحا أن تكاليف هذه الأمراض مكلفة جدا، حيث تصل حوالي مائة ألف دولار اميركي سنويا، مشيرا أنه بعد ثلاث شهور على إجراء العملية الجراحية تجرى عملية تجميل الشفة ثم عملية إغلاق سقف الحلق، وبعدها عملية زراعة عضلة الانف، ومن ثم علاج تقويمي وعلاج نطق، وعلاج للأنف وتجميله وتقويميه، وأخير النصائح خبراء التغذية، مبينا أن علاج المريض يمر في سبع عمليات، وهذا مكلف جدا.
ثلاث فرق
وبينت حنان الشيخ، أن الهدف من الجمعية هو بناء فريق متخصص بكل مدينة فلسطينية على الاقل، مشيرا انه منذ انطلاق الجمعية عام 2007، أجرت عمليات في أريحا والخليل وجنين وطولكرم.
وأوضحت أن الجمعية بدأت بفريق واحد، وحاليا يوجد ثلاث فرق في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية، تحتوي على كافة التخصصات، مشيرا أنه خلال العام الحالي ستعمل بكافة المستشفيات الحكومية متخصص لعلاج الأطفال.
وذكرت الشيخ، أن الجمعية ستعمل أيضاً على تنفيذ دراسات ووضع إحصائيات كاملة عن أمراض الشفة الارنبية وفتحة سقف الحلق والتشوهات الخلقية المفقودة في الضفة الغربية، مشيرة أنه لا يوجد إحصائيات رسمية حول المرض وأسباب انتشاره.
تتسم بالإنسانية
وقال الدكتور سعيد السراحنه، أن مشروع جمعية الشفة الارنبية الفلسطينية، يتسم بالإنسانية لمعالجة هذه الحالات التي تصيب الأطفال بعد الولادة، مشيرا أن مستشفى الخليل الحكومي يرحب بمشاركة الوفود الطبية بإجراء عمليات جراحية للأطفال في فلسطين موضحا أن الهدف من ذلك توفير العلاج لأطفالنا لتوفير العناء والجهد والوقت، رغم أننا نعمل بجهد مضاعف، ولكن ذلك يهون أمام رسم بسمة على شفاء أطفالنا.
وأوضح السراحنه، إن العمليات التي جرت بالتعاون مع الطواقم الطبية المتواجدة بالمستشفى، والعمليات التي أجريت بمختلف أنواعها، خاصة المعقدة، ويتم توفير الأدوات والاحتياجات اللازمة للطواقم الوافدة، ووجود مثل تلك الطواقم توفر الخبرة الطبية بتوفر كوادر متخصصة والجهد على الأهل والتكلفة المالية، فهي مجانية، وتعطي أمل الشفاء للأطفال.
تكريم لعطائهم
ولعطائهم الإنساني، كرم كامل حميد، الوفد الطبي الأميركي، على ما قدموه من دعم صحي ومعنوي لأبناء المحافظة من خلال علاجهم للعديد من الحالات الصحية وإجراءهم عمليات جراحية في مستشفى الخليل الحكومي، مؤكدا أن الواقع الصحي بالمحافظة بحاجة إلى دعم ومساندة بالتزامن مع الارتفاع الحاد في عدد سكان المحافظة وتردي الواقع الاقتصادي والارتفاع الحاد في نسبتي البطالة والفقر فيها.