فيـاض يعاقـب الموظفيـن المضربيـن والشـارع الفلسطينـي منقسـم حـولــه

تهدد الخلافات بين حركتي فتح وحماس، على رئيس الحكومة الفلسطينية المقبلة، مستقبل المصالحة الفلسطينية الهشة، وفيما يصر الرئيس محمود عباس على سلام فياض وترفضه «حماس»، انقسم الشارع الفلسطيني حول الرجل الذي يراه البعض «خادما ومخلّصا»، فيما قال آخرون إنه «رجل الأميركيين». ووسط كل هذا انضم عشرات موظفي السلطة الفلسطينية إلى المشهد وخاضوا إضرابا عن العمل يقول البعض أنه يبدو موجها في جوهره ضد فياض.
ولم يتمكن الرئيس محمود عباس من إقناع «حماس» بضرورة تولي فياض رئاسة الحكومة المقبلة حتى لا تتعرض للحصار. وحصل تراشق إعلامي محدود بين الجانبين إثر تصريحات عباس التي قال فيها إن «فياض رئيس الحكومة ولا أحد سواه» وهو ما اعتبرته حركة حماس «خروجا عن نص اتفاق القاهرة الأخير الذي أكد أن رئيس الحكومة يجب أن يعين بالتوافق».
ووفق مراقبين فإن حركة فتح لا تريد فياض وهي فقط تخضع لموقف الرئيس عباس حيث لا يبدي العديد من قادتها حماسة تجاه الرجل الذي اعتبروه عثرة أمام مصالح الحركة. لذلك «حركت نقابة الموظفين في السلطة الفلسطينية، ضد فياض بسبب وقوفه أمام الحركة وحرمان قادتها من الكثير من الامتيازات لا سيما المالية».
وتبقى شخصية فياض مثيرة للجدل فعلا في الشارع الفلسطيني، بين من يعتبرونه ذا خلفية اقتصادية قوية، وداعما للاصلاح، ومن يتهمه بمحاربة المقاومة، وزيادة وتيرة التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتكثيف الاعتقالات السياسية، وتعزيز الانقسام. ويقول الكاتب والمحلل السياسي، هاني المصري لـ»السفير» إن فياض من الناحية العملية، يخلق حالة جدل، فهو رجل مهني وقوي من ناحية لكن هناك من يرى فيه «رجل الأميركيين». ويضيف «السؤال لا يجب أن يتعلق ببقاء أو رحيل فياض، وإنما بماذا يريد الفلسطينيون واعتقد أننا لا نعلم ماذا نريد، وهناك ضياع للبوصلة والمشروع الوطني، وهو أمر يتطلب منا أن نفكر مليا، وفي ظل هذا الوضع لا أرى فرقا بين فياض وغيره لرئاسة الحكومة».
بدوره أكد المحلل السياسي محمد دراغمة، أن الجدل الكبير على فياض يعني أنه مختلف، وإن «الإصرار على فياض سببه نجاحاته وأبرزها الجاهزية الفنية للدولة التي ترمي الكرة في حضن اسرائيل والمجتمع الدولي وهي فكرة سياسية جديدة، كما أن شعبية الرجل وفق استطلاعات الرأي ازدادت، وزاد إقبال الناس عليه، ومن أسباب ذلك سياسته بتعزيز الصمود على الأرض في مواجهة الاحتلال، والأهم أن الرجل تمكن من بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وهو ما حظي بشهادات دولية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي».
من جهته قال الشاب محمد ابراهيم من مدينة رام الله لـ»السفير» إن فياض عمليا «خادم لفلسطين» وهو شخصية «عملياتية» أكثر منها نظرية «وهو عمل على الأرض، وطور في البنى التحتية، التعليم، الصحة، المشافي، الفلتان الأمني، وهذا كله يحسن من حياة الناس ويسهل من الصعوبات الجمة التي نواجهها». وأضاف «لقد كان الوضع قبل مجيئه سيئا جدا، اليوم هناك تحسن كبير، والمواطن على الأرض يشعر بالفرق».
في المقابل قال أحمد قشطة، من قطاع غزة إن سلام فياض عقبة أمام المصالحة لأن «حماس» لا تريده، فيما قال التاجر جهاد أبو شمالة إن اسم فياض يثير الجدل في الشارع «وللخروج من هذا الجدل واتمام المصالحة ربما يجب إجراء استفتاء شعبي ليختار الشعب رئيس الوزراء المقبل». أما الشاب فهد حسون فاعتبر أن فياض شخص «أسقط على الفلسطينيين بالمظلة، وهو رجل أميركا وإسرائيل».
في هذه الاثناء، خاض غالبية موظفي السلطة الفلسطينية بقرار من النقابة إضرابا أمس يستمر اليوم، احتجاجا على ما وصفوه بسياسات فياض المالية والإدارية، وعدم استجابة الحكومة لعشرات المطالب التي تريدها النقابة.
وقال، رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية، بسام زكارنة عضو المجلس الثوري لحركة فتح «أطالب فياض بالرحيل عن منصبه، لأن قطاع الموظفين لا يرغب بهذا الرجل، اتمنى عليه أن يرحل طوعا، فهو راكم على السلطة ديونا بقيمة 4 مليارات دولار، كما أنه خصم على الموظفين، وآخر ما يهمه مصلحة الموظف، وهناك وزراء فاسدون في حكومته».
وهددت الحكومة الفلسطينية بالخصم من رواتب الموظفين الذين خاضوا إضرابا «غير قانوني، ودون وجه حق، وبلا مطالب». وقال فياض «عممنا على الوزارات والمؤسسات انه بما ان الاضراب غير قانوني فان المشاركة فيه تساوي التغيب عن العمل وسيتم التعامل مع هذا الامر على هذا الاساس».