تقرير الـ 1701: النكبة والنكسة وتفجير اليونيفيل

عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن خشيته من أن يكون الجمود في تطبيق القرار 1701 قد دفع الطرفين اللبناني والإسرائيلي إلى تعطيل المضيّ قدماً نحو وقف دائم لإطلاق النار. ووزّع بان، أمس، على أعضاء مجلس الأمن الدولي التقرير السادس عشر بشأن تطبيق القرار المذكور، بانتظار مناقشته في وقت لاحق من تموز الجاري، مشدّداً على خطورة الأوضاع الإقليمية المتوترة وتأثيراتها الداخلية على لبنان. وفي خانة هذا التوتر، وضع التقرير ما جرى قرب بلدة مارون الراس الجنوبية يوم 15 أيار الماضي من تظاهرات فلسطينية ضد إسرائيل. وقال إنّ قتْلَ إسرائيل لأحد عشر متظاهراً وجرح 111، جرى عندما «أطلقت القوات الإسرائيلية النار على متظاهرين عزّل حاولوا اختراق السياج الفني». واكتفى بان كي مون بالتعبير عن أسفه لزهق الأرواح، من دون أن يحمّل الجانب الإسرائيلي المسؤولية، فيما ألقى اللوم على عاتق «المنظّمين». وأشار إلى أن الجيش اللبناني بذل جهوداً لمنع المتظاهرين من اقتحام السياج، «لكنّه أخفق في المرّة الثانية رغم استعداداته للمناسبة. ووقعت سبعون إصابة في صفوف الجيش اللبناني، بينما جرح عدد من الجنود الإسرائيليين على نحو طفيف» جراء إلقاء حجارة.
وعزا أسباب الإخفاق في السيطرة على التظاهرة إلى «نقص عدد أفراد الجيش اللبناني»، متّهماً المؤسّسة العسكريّة اللبنانيّة برفض تدخّل قوات اليونيفيل أو طلب مساندة منها، باستثناء المراقبة الجوية، بالرغم من عرض تلك القوات المساعدة على ضبط الوضع.
ولفت التقرير إلى تحذير وجّهه الضبّاط الإسرائيليون في الاجتماعات الثلاثية بأنهم لن يتساهلوا مع أية خروق أخرى للحدود. وأكد منع الجيش اللبناني لتظاهرة أخرى في ذكرى النكسة، بينما وضعت اليونيفيل مزيداً من القوات قرب بوابة فاطمة على نحو خاص في تلك المناسبة.
كذلك أورد التقرير حادثة الاعتداء بعبوة ناسفة على دورية لقوات اليونيفيل يوم 27 أيار الماضي، ما أدّى إلى جرح ستّة أفراد. وحمّل «عناصر مجهولين» المسؤولية، مضيفاً أنّ الحادثين (مارون الراس والتفجير) وقعا في «أجواء إقليمية متوترة، وهذا ما يضاعف من خطورتهما». وفيما طالب السلطات اللبنانية بمعاقبة الفاعلين، عبّر في المقابل عن قلقه على أمن عناصر الأمم المتحدة في لبنان، مناشداً الأطراف كافة احترام التزاماتها بالمحافظة على سلامتهم.
التقرير الفصلي الذي يعدّه مايكل وليامز، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى لبنان، قال إنّ ما يجري من توتّر في سوريا ارتدّ على لبنان بأشكال عدّة، أبرزها تدفّق نحو 4000 لاجئ سوري إلى البلدات المحاذية للحدود. لكنه لم يتطرق إلى نقل السلاح عبر الحدود، بل تحدّث عن عدم ضبطها كاملاً وأن الفصائل الفلسطينية لا تزال تتخذ من نقاط حدودية مواقع لها وتمارس مناورات فيها.
وباستثناء ذلك، أشاد التقرير بحالة الهدوء المستمرّة في المنطقة الحدودية والاستقرار الذي وفّره القرار 1701، مكرّراً تحذيره من أنّ عدم الانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار سيعرض هذه الإنجازات للخطر في ظل وجود وضع محلي وإقليمي هشّ. وطالب الحكومة الإسرائيلية بتجديد التزامها تطبيق القرار كاملاً، وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي بـ«التعبير بلغة لا لبس فيها، عن التزام التطبيق الكامل للقرار 1701 ولكل واجبات لبنان الدولية، وباتخاذ الخطوات الضرورية لتلك الغاية».
وفي لوازم تتكرّر في كل تقرير، عبّر الأمين العام عن قلقه من الانتهاكات الإسرائيلية المكثفة للسيادة اللبنانية جواً وبراً وبحراً، التي تقوّض السيادة اللبنانية وصدقية قوات اليونيفيل. وعبّر عن خيبة أمله من عدم تحقيق الانسحاب من شمال الغجر ومن منطقة أخرى متاخمة احتُلت في حرب تموز. وأشار إلى خروق يقوم بها الرعاة من حين إلى آخر للخط الأزرق، لكنّه وصفها بأنها في الغالب «غير مقصودة» باستثناء حادث وقع في منطقة رميش في نيسان الماضي، التي تبلغت فيها القوات الإسرائيلية أن الراعي كرر ذلك عدّة مرات. ووصف حادث الجرافة الإسرائيلية التي دخلت الجانب اللبناني من الحدود عند منطقة مزارع شبعا في 3 آذار الماضي بالعمل «غير المقصود»، فيما تطرق إلى إلقاء حجارة من مدنيين لبنانيين على الجانب الإسرائيلي، وقال إن قوات اليونيفيل تعالج تلك الحالات في حينها. وأورد التقرير حوادث أخرى عرقل خلالها مدنيون دوريات اليونيفيل، أهمّها في 21 آذار في بلدة حانين الجنوبية حين اعترضت سيارتان طريق الدورية، والسبب أن عناصرها كانوا يصوّرون المنطقة. وتناول كذلك عدة مواجهات صغيرة بين مدنيين وأفراد من اليونيفيل بسبب التصوير، لكنه وصف العلاقة بين القوة والأهالي بأنها جيدة عموماً. ولم تسجل حوادث ضبط أسلحة، باستثناء مشاهدة بنادق صيد أو إطلاق نار في جنازات. كذلك لم تلحظ القوات الدولية أي عملية تهريب للأسلحة إلى المنطقة. لكن الجيش اللبناني اكتشف في 18 آذار الماضي أجهزة تجسس إسرائيلية فُكِّكت وكانت على شكل صخرة وضعت قرب بلدة شمع القريبة من صور. وانتقد التقرير عدم إبلاغ الجيش اللبناني اليونيفيل بالموضوع قبل تفكيك الجهاز.
رغم ذلك، أشار وليامز إلى أن الحكومة الإسرائيلية واصلت اتهام حزب الله بمواصلة بناء قوته في الجنوب، وهو ما لم تتأكد منه القوات الدولية، بحسب التقرير. وأكد أن السلاح متفشٍّ في أنحاء لبنان خارج إطار الدولة، ما يمثّل تقويضاً لسلطة الحكومة. واقتبس من خطاب للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، حديثه عن تعزيز القدرات العسكرية، ليؤكد أن الحزب يواصل انتهاك القرار 1701. وكرّر ضرورة نزع السلاح من خلال طاولة الحوار الوطني المعطّلة منذ 4 تشرين الثاني 2010.