د . فياض: سنتغلب على الأزمة المالية بالقدر الذي ننجح فيه في تعزيز قدراتنا الذاتية

أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن السلطة الوطنية تمر بأزمة مالية حادة سببها الوحيد هو نقص المساعدات الخارجية والمخصصة لدعم الموازنة، وقال فياض ' هناك نقصا مزمنا في المساعدات الخارجية، وليس من المقبول أن نقول للموظفين ولشعبنا إنه لا توجد أزمة مالية، وأضاف 'واجهتنا هذه الصعوبات المالية منذ أواسط عام 2010، واستمرت من شهر إلى الشهر الذي يليه، وحدّت بشكل متزايد من قدرة السلطة الوطنية على الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها، والوفاء بالاستحقاق الأهم ألا وهو دفع فاتورة الرواتب والأجور'، وتابع 'سلطتكم الوطنية تعمل وبشكل حثيث لتجاوز هذه الأزمة المالية، ولكننا لا نتوقع أن تتلاشى هذه الأزمة بين عشية وضحاها'.

جاء ذلك في كلمة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، خلال حفل وضع حجر الأساس للمجمع الأمني 'المقاطعة' في مدينة جنين، بحضور مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، وممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين كريستيان بيرغر، ومحافظ جنين قدورة موسى، والقائم بأعمال قائد المنطقة العقيد جمعة موسى، ووكيل وزارة الأشغال العامة فائق الديك، وقادة ومدراء المؤسسات الأمنية والرسمية والأهلية وفعاليات المحافظة.

وأضاف فياض: 'ستبقى هذه الأزمة المالية جزءاً من الواقع الفلسطيني الحالي، وسنبقى في حالة إدارة أزمة إلى أن نصل بداية العام القادم'، وقال' نتوقع في إطار موازنة العام القادم أن نشهد تحسناً كبيراً في قدرة السلطة الوطنية على الوفاء بالمزيد من الاحتياجات من مواردها الداخلية المحلية، وبما هو كفيل من أن ينهي الأزمة، بحيث لا يعود هناك مجال إطلاقا لأي تداول بشأن الرواتب ومواعيد دفعها أو بشأن الخدمات الأخرى'

وشدد رئيس الوزراء على أن السلطة الوطنية تعمل وبكل جهد ممكن للتقليل من المساعدات الخارجية، وأشار إلى أن السلطة الوطنية في عام 2008 احتاجت إلى مليار و800 مليون دولار من المساعدات الخارجية، أما في عام 2011 فقد احتاجت إلى مليار دولار فقط، أي بفارق 800 مليون دولار، وقال 'لقد شكك الكثيرون في مقولة الاستغناء عن المساعدات الخارجية، ووجدوا مادة غنية للمعايرة، ويقولون: يتحدث عن التقليل للمساعدات الخارجية والاستغناء عنها في الوقت الذي لم تعد فيه السلطة الوطنية قادرة على دفع الرواتب'، وأضاف 'قيل هذا وقيل غيره الكثير، وليس فيه إطلاقا ما ينبغي أن يجعل للشك مجالاً بأن يتسلل لأي شخص، فنحن بالفعل على مسار سنتمكن فيه خلال فتره وجيزة من الاستغناء عن المساعدات الخارجية وأؤكد لكم ذلك'

وتابع رئيس الوزراء: 'نحن على هذا المسار من منطلق وطني فلسطيني يحرص على الإعداد والتهيئة لقيام دولة فلسطينية قادرة على الوفاء باحتياجات مواطنيها من مصادرها الذاتية، وهذه سياستنا ومستمرون في هذا النهج، وقد أصبنا قدراً كبيراً من النجاح بالرغم من الاحتلال وممارساته، ونحن مطالبون بمضاعفة الجهد الذي كنا قد بدأناه باتجاه تسريع إنهاء الاعتماد على المساعدات الخارجية والحاجة لها'، وقال 'من هذا المنطلق تعكف الحكومة على إعداد سلسلة من الإجراءات في هذا الاتجاه، لكي نكون قادرين على الاعتماد الذاتي وعلى مبادراتنا وقدراتنا أولا، والتي نأمل استكمالها خلال الأيام القليلة القادمة'

ودعا فياض إلى ضرورة إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته ليكون جزءا عزيزا من دولة فلسطين، ولتمكين شعبنا من تحقيق أهدافه في الحرية والكرامة والعيش بدولة مستقلة له.

واعتبر فياض أن المرحلة الثانية من مشروع إعادة بناء مقاطعة جنين هو محطة هامة وفارقة على درب البناء والاعمار والتهيئة لقيام دولة فلسطين، وبما يمكن شعبنا من العيش بحرية وكرامة في دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 في قطاع غزة والضفة الغربية وفي القلب منها في القدس الشريف العاصمة الأبدية لهذه الدولة، وقال 'هذا المشروع شأنه شأن كافة المشاريع التي هدفت لإرساء ما يكفي من البنية التحتية اللازمة التي ستقوم عليها دولة فلسطين، وبما يمكن هذه الدولة من تقديم أفضل الخدمات لمواطنيها وفي المقدمة منها خدمة الأمن'.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذا المشروع لم يكن له أن يبدأ وعلى طريق الانجاز لولا الدعم السخي الذي قدمه الاتحاد الأوروبي، وقال 'هذا المشروع كنظيره في نابلس والعديد من مشاريع قطاع العدالة والبالغة تكلفتها حوالي 40 مليون يورو، وهو جز مما يتوقع أن يقدمه الاتحاد الأوروبي هذا العام، والمقدر بـ 300 مليون يورو'، وأضاف 'هذا المبلغ يضاهي ما كان الاتحاد الأوروبي قد أنفقه في فلسطين في العام الماضي، ويأتي ذلك بعد مستويات قياسية من الدعم، حيث قدم الاتحاد الأوروبي في العام 2008 حوالي 300 مليون دولار، كما قدم المبلغ نفسه في العام 2009'، وتابع 'هذا المشروع هو جزء من حوالي مليار و600 مليون يورو قام الاتحاد الأوروبي بتقديمها للشعب الفلسطيني، مما جعله وبدون منازع المانح الأكبر للسلطة الوطنية متخطياً حاجز 5 مليار يورو منذ نشأة السلطة الوطنية' .

وشدد فياض على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته المباشرة والتدخل الفاعل لضمان إنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله، وقال 'ما نحتاجه هو دولة حقيقية ينعم أبناءها بحرية وكرامة، وهذا ما نتطلع إليه ألا وهو مساعدة المجتمع الدولي لنا، وبما يشمل محطات العمل الدبلوماسي ومنها الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة'، وأضاف 'نتطلع أن تكون هذه الاجتماعات هذا العام محطة هامة على درب الحرية والاستقلال، وبما يمكننا من التسلح بانجاز دبلوماسي يساعد بالوصول بمشروعنا الوطني إلى نهاياته الحتمية' وتابع 'لقد قطعنا شوطاً هاماً في التعاطف الدولي مستفيدين من كافة مكونات البرنامج النضالي الفلسطيني والمتمثلة في مسار البناء والإعداد والتهيئة لقيام دولة فلسطين، ومسار المقاومة الشعبية السلمية للمشروع الاستيطاني والاحتلال، والتي تعبر عن نفسها يومياً والإصرار على تحدي الاحتلال وممارساته، والمسار الثالث مسار النضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية ونيابة عن أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده في كافة المحافل، وبما يهدف إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة على كامل حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف'.

وشكر رئيس الوزراء الاتحاد الأوروبي على كل ما قدمه من دعم لجهد السلطة الوطنية للتهيئة والإعداد ودعم مسيرة شعبنا الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال، وقال 'نحن نعول كثيراً على استمرار الدعم الأوروبي، ولعبه دوراً فاعلاً ومتزايد الفعالية على مدار الأسابيع والأشهر والسنوات القادمة، وبما يساهم على المدى القصير في إحداث تطور في كيفية تعامل المجتمع الدولي مع استحقاق الشعب الفلسطيني لنيل حريته واستقلاله'.

وفي نهاية الاحتفال، قام رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض والسيدة كاثرين أشتون وكريستيان بيرغر، برفقة المحافظ وقادة الأجهزة الأمنية، بزيارة إلى كنيسة برقين غرب جنين، والتي تعد من أقدم الكنائس في العالم، كما قاموا بجولة تفقدية في سوق جنين اطلعوا عن كثب على الأوضاع في المحافظة.

جدير بالذكر أن بناء مقر المقاطعة في جنين يموله الاتحاد الأوروبي بقيمة 9.24 مليون يورو في إطار المساهمة الأوروبية في إصلاح القطاع الأمني الفلسطيني.