إسرائيل تكشف عن 'تحركات سرية' مع جهات عربية لمنع الفلسطينيين من التوجه للأمم المتحدة

كشف مصدر سياسي كبير في حكومة إسرائيل عن قيام بلاده بإجراء 'تحركات سرية' مع جهات عربية للضغط على القيادة الفلسطينية لثنيها عن خطوة التوجه في العشرين من الشهر الجاري إلى الأمم المتحدة لطلب الحصول على دولة مستقلة، في الوقت الذي اعتبر فيه أحد وزراء الحكومة أن طلب الانضمام الفلسطيني للأمم المتحدة يعد 'تهديدا أخطر من تهديد حماس'.

وزعم مصدر سياسي كبير في تل أبيب أن قرار القيادة الفلسطينية القاضي بالتوجه للأمم المتحدة يعتبر 'خطأ استراتيجيا من الدرجة الأولى'.

ووفق هذا المصدر الذي تحدث للإذاعة الإسرائيلية فقد قال أن التوجه من شأنه أن 'يسدل الستار على المفاوضات مع إسرائيل نهائيا لمدة سنوات طوال'.

وأوقفت السلطة المفاوضات في أكتوبر من العام الماضي، بعد أن رفضت إسرائيل تمديد قرار تجميد الاستيطان، وترفض السلطة التفاوض في ظل استمرار عمليات الاستيطان في الضفة والقدس، وأعلنت عن خطوة توجهها للأمم المتحدة.

وأوضح أن حكومة بلاده لم ولن تتخذ أي قرار حول طريقة ردها على هذا التحرك، لكنه أشار إلى أنه 'تمت دراسة جميع السيناريوهات بإمعان وان الرد الإسرائيلي سيتخذ وفقا للتطورات على أرض الواقع في اليوم ما بعد التحرك الفلسطيني'.

وقلل المصدر من إمكانيات السلطة الفلسطينية في إدارة دولة مستقلة، وقال أنه ليس بمقدور الجانب الفلسطيني إدارة هذه الدولة المستقلة له في المجالين الاقتصادي والأمني دون الاستعانة بإسرائيل، وأضاف 'الدليل على ذلك هو أن هناك العديد من المعارضين من الجانبين الفلسطيني والعربي لهذا التحرك'.

وكشف في ذات الوقت عن وجود 'تحركات سرية' تجريها بلاده من وراء الكواليس مع جهات عربية لزيادة الضغوط على الجانب الفلسطيني.

وتفيد معلومات أن الأردن يعارض خطوة القيادة الفلسطينية بالتوجه للأمم المتحدة، وأنه أبلغ موقفه أكثر من مرة للرئيس محمود عباس، كون أن الخطوة تهدد حق عودة اللاجئين.

ودافعت الدكتورة حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن خطوة التوجه للمنظمة الدولية، وقالت خلال لقائها مع وفد دبلوماسي رفيع من الدنمارك 'إن التوجه إلى الأمم المتحدة هو حركة تصحيحية تضع القضية الفلسطينية في إطارها الصحيح، وهو خطوة مسؤولة وبناءة لإقامة سلام قائم على التعددية والقانون الدولي'.

وأكدت على حق الشعب الفلسطيني الطبيعي والقانوني في تقرير المصير والحقوق الفلسطينية المشروعة بما فيها حق ممارسته السيادة الفلسطينية وإقامة دولته الديمقراطية على حدود 1967، و حق عودة اللاجئين.

وحملت عشراوي إسرائيل مسؤولية فشل المفاوضات، وقالت أن عقدين من عملية المفاوضات الثنائية استخدمتها إسرائيل لإدامة احتلالها وكغطاء للتنصل من المساءلة والإفلات من العقاب.

وأشارت إلى أن العودة لنفس المسار 'سيقود فقط إلى الإخفاق نفسه وسيعرض احتمالات السلام للخطر'، مضيفة 'لهذا فإن هذا التحرك لدى الأمم المتحدة يوفر وسيلة بديلة تساهم في استعادة الأمل ومنع الانهيار واندلاع العنف نتيجة الممارسات الإسرائيلية أحادية الجانب غير الشرعية، بما في ذلك النشاطات الاستيطانية المستمرة'.

وحثت الدنمارك على الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

وينوي الرئيس محمود عباس التقدم في العشرين من الشهر الجاري للأمم المتحدة لطلب الحصول على دولة مستقلة على حدود العام 1967، تكون القدس الشرقية عاصمة لها.

وسيطلب الرئيس عباس من مجلس الأمن التصويت على هذا القرار، وأعلنت الولايات المتحدة معارضتها لهذه الخطوة، وأبلغت السلطة الفلسطينية أنها ستستخدم الفيتو، ولم يعرف بعد الموقف النهائي لدول أوروبا، وأعلنت الدول العربية المشاركة في لجنة المتابعة لعملية السلام دعمها للخطوة الفلسطينية، إلى جانب العديد من الدول الأجنبية، على أسها روسيا.

وقال مسؤولون في السلطة الفلسطينية أنه في حال ووجه قرار طلب العضوية في مجلس الأمن بالفيتو الأمريكي، فانهم سيتوجهون للجمعية العامة، حيث لا يوجد فيتو، وسيحصل الفلسطينيون على دعم كبير، لكن قرارات الجمعية غير ملزمة.

وفي حال حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، يقول المسؤولون الفلسطينيون أنه سيتم التعامل مع إسرائيل على أنها دولة عضو تحتل أراضي دولة عضو أخرى، وأنه لن يتم التفاوض على أراض متنازع عليها.

وفي سياق الحديث عن خطوات أيلول، قال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينيتز أن طلب انضمام دولة فلسطينية إلى الأمم المتحدة يعد 'تهديدا أخطر من تهديد حركة حماس بغزة'.

وقال هذا الوزير وهو أحد أقطاب حزب 'الليكود' الذي يرأسه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الخطوة الفلسطينية 'لن تبقى بدون رد من إسرائيل'، قال 'وأضاف 'إن الفلسطينيين يحاولون شرعنة وجود دولتهم دون منح إسرائيل أي مقابل ودون الاستجابة لاستحقاقات السلام والأمن وإنهاء النزاع وطي ملف حق عودة اللاجئين'.

هذا وطلب الوزير عوزي لانداو وهو من حزب 'إسرائيل بيتنا' المتشدد بان تقوم بلاده بفرض سيادتها على مناطق غور الأردن والكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، رداً على توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لنيل اعترافها بدولتهم.

وقال في حال التوجه للأمم المتحدة ستكون الاتفاقيات التي أبرمت معهم 'باطلة ولاغية'.

يشار إلى أن نتنياهو قال مطلع الأسبوع الجاري أن الطلب الفلسطيني بالانضمام للأمم المتحدة 'يشكل انتهاكا للالتزامات التي قطعها الفلسطينيون في اتفاقاتهم الموقعة مع إسرائيل'.

من جهته قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صالح رأفت أن القيادة الفلسطينية مصممة على التوجه إلى الأمم المتحدة لخوض المعركة السياسية التي تبدأ في أيلول، لافتاً إلى أن هذه الخطوة 'ليس شرطا أن تنتهي في ذلك الشهر'.

وأكد في تصريح صحافي على تصميم القيادة بالتوجه 'حتى لو استخدمت الولايات المتحدة 'الفيتو' ضد المشروع.

وقال 'في حال استخدم الفيتو سنعود مرة أولى وخامسة، لتقديم سلسلة مشاريع في الأمم المتحدة للتأكيد على حقنا في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة'.

وعقب رأفت علة تهديدات لانداو بالقول 'هذه التهديدات لن تخيف شعبنا وقيادته، فنحن مصممون على الذهاب إلى الأمم المتحدة'. وأكد أن إسرائيل ألغت اتفاقات أوسلو بما في ذلك الولاية الفلسطينية على مناطق 'أ'، لافتاً إلى انه في حال أعلنت إسرائيل إلغاءها للاتفاقات فإنها ستؤدي بذلك 'خدمة كبيرة لشعبنا الذي سيواصل نضاله للخلاص من الاحتلال'.

ووقعت منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثل عن الشعب الفلسطيني وإسرائيل في العام 1994 اتفاق أوسلو للسلام في البيت الأبيض، وينص الاتفاق على إقامة سلطة فلسطينية محدودة الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ولم تنفذ إسرائيل كل بنود الاتفاقية، ولا تزال تسيطر على غالبية مناطق الضفة الغربية، إضافة إلى الكتل الاستيطانية المنتشرة في كل المدن هناك.

وكان من المفترض أن تنتهي هذه الاتفاقية بدخول الفريقين مفاوضات الوضع النهائي، التي سيتم خلالها حل القضايا العالقة المتمثلة في القدس والحدود واللاجئين والمياه والأسرى.

ويطوف مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون في هذه الأيام عدة بلدان أجنبية لتجنيدها إلى صالح دعم موقفها في الأمم المتحدة.