مستوطنون يحرقون مسجداً في نابلس

أحرق مستوطنون إسرائيليون أمس، مسجد النورين، في قرية قصرة جنوب شرق نابلس، في خطوة جديدة تضاف إلى آلاف الانتهاكات التي ارتكبوها في الضفة الغربية، لا سيما في ظل تحفيزهم من قبل الحكومة والجيش الإسرائيليين على التصدي لأي تحركات فلسطينية محتملة مع اقتراب استحقاق أيلول للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية.
وقال شهود عيان من القرية لـ«السفير» إن مستوطنين من المستوطنات حول نابلس شنوا سلسلة هجمات في محيط المدينة، احتجاجا على هدم 3 بيوت متنقلة في بؤرة استيطانية صغيرة قرب رام الله تسمى «ميغرون».
وحسب الشهود فإن عددا من هؤلاء المستوطنين اقتحموا قرية قصرة عند ساعات الفجر، وألقوا إطارات داخل المسجد وأشعلوها، قبل أن يكتبوا شعارات على جدرانه معادية للعرب والمسلمين وتسيء للنبي محمد ورسموا نجمة داود، وتقول إن ما جرى هو انتقام لهدم مستوطنة «ميغرون».
وقال رئيس المجلس القروي لقصرة هاني ابو ريده إن «مستوطنين من إحدى المستوطنات المحيطة بقريتنا، ومنها «مجدوليم»، هم من قاموا بهذه الجريمة، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على قريتنا، ففي كل أسبوع يقتحمونها ويعتدون على نسائنا وأطفالنا، ومن آخر جرائمهم إطلاق النار على أحد الفتية الأسبوع الماضي ما أدى إلى إصابته بجروح بليغة».
وأحرق المستوطنون خلال عامين اربعة مساجد فلسطينية كلها في القرى المحيطة بنابلس. وقيدت الشرطة الإسرائيلية جميع الحوادث ضد مجهولين. وفي إحدى المرات أبعدت اربعة مستوطنين عن مستعمرة «يتسهار» قرب نابلس لقيامهم «بأعمال شغب».
وقد لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع حاد في الهجمات التي يشنها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، لا سيما قرب مدينتي نابلس والخليل. وحسب تقرير صدر عن وزارة شؤون الجدار الفلسطينية فإن انتهاكات المستوطنين تشكل نحو 40 في المئة من إجمالي الاعتداءات التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، سواء عبر الاعتقالات أو مصادرة الأراضي أو قمع المسيرات وغير ذلك.
وكانت صحف إسرائيلية ذكرت إن الجيش الإسرائيلي يدرب عناصر في المستوطنات لمواجهة أي احتمال لأعمال عنف لدى توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة أواسط الشهر الحالي.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية غسان دغلس لـ«السفير» إن «حرق المسجد وغيره من الانتهاكات هي أمور مبرمجة وليست عفوية، وتم التخطيط لها من قبل الحكومة الإسرائيلية التي هي في الأصل حكومة استيطان». وأضاف «حكومة فيها افيغدور ليبرمان وزيرا للخارجية، وفيها 11 وزيرا يسكنون في المستوطنات هي حكومة تؤمن بكل شيء يفعله المستوطنون، لأنها في الأساس تتبنى سياساتهم، وتفعل أي شيء لتحفزهم على الاستيطان».
ويرى دغلس أن ما يقوم به المستوطنون يأتي في ظل حملة «جس النبض لقياس ردود فعل الفلسطينيين من جهة، وتهدف إلى جرنا لدوامة عنف، يتمكن خلالها المستوطنون من السيطرة على المزيد من الأرض». وقال «الخميس المقبل سيعقد المستوطنون مؤتمرا لإعلان دولة إسرائيل من النيل وحتى الفرات، وسيشارك فيه الكثير من الوزراء وأعضاء الكنيست، وهذا كله يأتي بالتوازي مع حملات لتدريب المستوطنين على مواجهة الفلسطينيين مع اقتراب استحقاق أيلول».
من جهته، قال رئيس الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية سلام فياض إن الحكومة في رام الله ستقوم بترميم المسجد المدمر، محملا الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزراءها المسؤولية عن استمرار هذه الأعمال الإرهابية بسبب عدم ملاحقتها لمرتكبيها في المرات السابقة ومحاسبتهم.
وأضاف فياض «الاعتداءات الإرهابية للمستوطنين، إنما تؤكد الخطر الحقيقي الذي تلحقه هذه الاعتداءات على حياة ومقدرات شعبنا، وتظهر الحاجة الماسة لتوفير الحماية الدولية لشعبنا. كما تؤكد ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته المباشرة لضمان إنهاء الاحتلال».
وفي قطاع غزة، أدانت كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية التابعة لحركة حماس إحراق المسجد، موضحة في بيان أن اعتداءات المستوطنين ازدادت في الآونة الأخيرة «نتيجة غياب المقاومة بالضفة الغربية واطمئنان حكومة الاحتلال إلى انتفاء الثأر».
وقال النائب عن كتلة التغير والإصلاح يونس الأسطل، في البيان، «الحل الوحيد للحفاظ على المساجد في الضفة الغربية هو تفعيل دور المقاومة بأي ثمن، وفي مقدمها المقاومة العسكرية».
وأدان وزير الخارجية المصري محمد عمرو قيام مستوطنين بالاعتداء على المسجد. واعتبر أن «تكرار مثل هذه الأعمال الإجرامية من دون تدخل حاسم من جانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمنعها يعد دليلا جديدا على مدى استهتار الاحتلال الإسرائيلي بالحقوق الثقافية والاجتماعية للفلسطينيين».
ونقل المتحدث باسم الوزارة عن عمرو تشديده على ضرورة تحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن توفير الحماية الكاملة لجميع المنشآت الدينية والمواطنين الفلسطينيين.