هو الفلسطيني الشهم عبد القادر بن موسى بن كاظم الحسيني، المولود عام 1908، الذي انهى دراسته الثانوية في القدس عام 1927، ثم التحق بكلية العلوم في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وفضح الدور المشبوه للجامعة آنذاك، وأدان سياستها، فأمرت حكومة إسماعيل صدقي باشا بطرده من مصر عام 1932، فعاد عبد القادر إلى بلاده فلسطين وعمل محرراً في جريدة "الجامعة الإسلامية"، ثم مأموراً في دائرة تسوية الأراضي في فلسطين، فأتاحت له أن يطّلع على جهود سلطة الانتداب البريطاني لتهويد الأرض الفلسطينية، فاستخدم وظيفته لإحباط ما يستطيع من محاولات الاستيلاء على الأرض الفلسطينية.. حضّر للثورة على الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية، وقد لعب دوراً رئيسياً وبارازاً في التعبئة الجماهيرية، وأسهم بشكل كبير في بلورة الأهداف السياسية للثورة المسلحة 1936 ـ 1939م.
صعد الحسيني إلى الجبال ليمارس الحرب الشعبية في عام 1936، وكانت منطقة جنوب القدس مسرح العمليات العسكرية التي يتبع لها.
وقاد بعضها بنفسه، وكان من أهمها "معركة الخضر" عام 1936، فأصيب فيها بجروح بليغة ووقع في أسر القوات البريطانية، لكنه نجح في الفرار من المستشفى العسكري في القدس وتوجه إلى دمشق.
أوائل 1938 عاد عبد القادر الحسيني إلى القدس وتولى قيادة الثورة في منطقتها، وفي تلك السنة قاد هجوماً عسكرياً ناجحاً على مستعمرة (فيغان) الصهيونية جنوبي القدس، وفي خريف العام نفسه أصيب عبد القادر مرة ثانية بجراح بليغة، ثم نقل إلى دمشق فلبنان ثم العراق.
تعيَّن الحسيني قائداً لمنظمة الجهاد المقدس في عام 1947، فشكل جيش الجهاد، الذي كانت مهمته مواصلة قتال قوات الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية، وتمكنت قوات الجهاد المقدس بقيادة الحسيني من السيطرة على القدس واحرزت تلك القوات انتصارات مهمة في خارج القدس، كنصب كمائن ناجحة ضد القوات الصهيونية، ومقر الوكالة اليهودية في القدس، ونسف شركة صحافة القدس، وعدة صحف صهيونية، والوكالة اليهودية للأنباء، ووكالة اليونايتد برس وما جاورها في مدينة القدس. كما هاجمت قواته العديد من المستعمرات اليهودية.
قال الحسيني يومذاك: إن الشعب الفلسطيني لن يكون وحيداً، لأن له أصدقاء كفاح يؤيدون قضيته وعدالته.
ومن تصريحاته في هذا الصدد: نحن الفلسطينيين أقوياء على الرغم من قلة عددنا، لأننا نؤمن بقضيتنا، ولأننا نعلم أننا مؤيدين من جميع الشعوب التي ليس لها مطامع خفية كحكوماتها، سنقاتل حتى النهاية، وسيقاتل أبناؤنا وأصدقاؤنا من بعدنا، نحن مصممون على القتال.
وعندما طلب عبد القادر الحسيني من الجامعة العربية سلاحاً.. فرفضت، قال: جئتكم أطلب سلاحاً لأدافع به عن فلسطين، وأما وقد خُذلت، فأبلغكم أننا لن نرمي السلاح حتى النصر أو الشهادة، أنا ذاهب إلى القسطل، ولن أسأل أحدكم أن يرافقني، لأنني أعرف حقيقة مواقفكم، ولكني أحذركم بأن التاريخ سيكتب أنكم خذلتم الأمة وبعتم فلسطين.. وإن التاريخ لا يرحم أحداً!
رجع الحسيني إلى فلسطين ولم يكن معه أكثر من ستين بندقية قديمة وعشرة مدافع رشاشة وبضع قنابل، وصل إلى القدس في 7/4/1948م فنظم هجوماً بطولياً ناجحاً على القسطل، واستطاعت قواته أن تسترد القسطل في اليوم التالي، في حين استشهد عبد القادر، بعد أن نكب اليهود في المعركة بخسائر عظيمة، وكانت ذخيرة المجاهدين قد نفدت، فأشاروا عليه بالاكتفاء، لكن عبد القادر أخذ يهاجم اليهود ومعاقلهم بنفسه ويقذفهم بالقنابل اليدوية، فانهزم اليهود، وإذا برصاص مدفع رشاش صهيوني ينهمر عليه، فيصاب ويستشهد دون دينه ووطنه المقدس فلسطين.