أطفال محرّرون يروون تجربة الاعتقال بمحاكاة الصور

بسام أبو الرب

وقف الطفل فضل دراج إلى جانب صورة التقطها، ينظر إليها بشعور اختلط بالحزن لما عاناه من اعتقال دام ثلاثة شهور، وفرح يرى إنجازه وأحلامه تنقل صورة الحرية والرسالة إلى أقرانه من الأطفال.

وقال دراج، تم اعتقالي من قبل قوات الاحتلال وأنا في الصف العاشر في المدرسة، بتاريخ 3-3-2006، مدة ثلاثة شهور، تعرضت خلالها لتعذيب نفسي والإهانة والشبح، مشيرا إلى أنه تم التعامل معه كشخص خطير على أمن إسرائيل، مضيفا 'نسوا أني طفل'.

وأضاف: ثلاثة شهور جمعت بين الحزن والأسى والحرمان، فالمعاناة والآلام تبقى مخزنة في الذاكرة ويصعب تجاوزها في الحياة، موضحًا أنه كان يعاني من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا تتوفر فيها تهوية أو إنارة مناسبة، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية، ونقص الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية.

وعن مشاركته في المعرض، قال إنها تعبير وتأكيد على حقي في الحياة والعيش بحرية، ونقل صورة الحرية من خلال الصور.

ومع اقتراب يوم الطفل الفلسطيني الذي يصادف الخامس من نيسان، أقامت جمعية الشبان المسيحية معرض صور بعنوان 'الواقع من خلال عدسة الأطفال المحررين من المعتقلات الإسرائيلية'، كجزء من مشروع يستهدف توعية وإرشاد الأطفال والناشئين، وأيضا وفي إطار الدعم النفسي ودمج المحررين في المجتمع.

وقال مدير عام برنامج التأهيل في جمعية الشبان المسحية بالقدس نادر أبو عمشة، إن هذه المرحلة من البرنامج جاءت لتلبية احتياجات الأطفال الأسرى المحررين، وإعادة دمجهم في المجتمع وتخليصهم من الحالة النفسية بعد التحرر، إضافة إلى تطوير أنماط الحياة لديهم بعد مرحلة الاعتقال والتحقيق.

وأكد أبو عمشه استمرار هذا المشروع، آملا إنهاء ملف الاعتقال ضد الشعب الفلسطيني وأطفاله على طريق إنهاء الاحتلال، موضحا أن المشروع يستهدف بالإضافة إلى الأطفال المحررين، عائلاتهم ومؤسسات المجتمع المحلي، من خلال التدخل النفسي الاجتماعي ومراجعة التجربة والتخلص من الآثار النفسية لها.

وأضاف أن المشروع يركز على الجانب الأكاديمي بالتعاون مع مؤسسات حكومية، لتقديم المساندة والدعم لهؤلاء الأطفال بعد التجربة، وتحقيق تغير جدي في فترة الانقطاع عن الدراسة، منوها إلى أهمية الجانب المهني وتشخيص قدراتهم وتوجهاتهم ودمجهم ليصبحوا قادرين على الإنتاج في المجتمع حال انقطاعهم عن الدراسة.

وناشد أبو عمشة أهالي المحرّرين تحمل المسؤولية الواقعة على عاتقهم بعد تحرر أبنائهم، والتعامل معهم بما يخدم التغير من آثار التجربة التي حصلت لهم، لافتا إلى الدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المحلي ومدى تعاونها في تقديم الإرشاد والدعم النفسي للأطفال.

من جانبه، تحدث مدير مؤسسة إنقاذ الطفل السويدية إياد الأعرج، عمّا يعانيه الأطفال الأسرى في المراحل الأولى من التجربة، والضغوط النفسية التي يعيشونها في ظل الحرمان والتعذيب، مشيرا إلى أهمية تعويض الأطفال المحررين عن حياتهم التي عاشوها في الأسر.

وأوضح إن برنامج الدعم النفسي والإرشاد ضمن مشروع توعية الأطفال والحفاظ على حقوقهم، من شأنه إعادة دمج الأطفال المحررين في المجتمع وجعلهم عناصر منتجة، مشيرا إلى أن البرنامج استهدف أكثر من 500 طفل من المحررين و290 من الآباء والأمهات، تلقوا محاضرات في الوعي النفسي والإرشاد في طريقة التعامل مع الواقع بعد مرحلة التحرر من الأسر.

وبين أن ظاهرة العنف ضد الأطفال في فلسطين باتت حالة طوارئ وطنية وليست واجبا أخلاقيا، وضرورة حماية المستقبل بحماية أبنائه، مشددا على أن مسؤولية حماية الأطفال للجميع من أجل الدفاع عن حقوقهم وحريتهم وإنهاء العنف ضدهم.

يذكر أنه منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول عام 2000، تعرض أكثر من 3000 طفل فلسطيني للاعتقال. ولا يزال 300 طفل يقبعون في السجون ومراكز التحقيق والتوقيف الإسرائيلية، من بينهم 12 طفلة أسيرة، ويوجد أكثر من 400 أسير فلسطيني كانوا أطفالا لحظة اعتقالهم، وتجاوزوا سن 18 عاما، حسب إحصاءات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.