كاد لبنان أن يشكو إسرائيل لإسرائيل

في وقت لم يتأكد فيه عبورها براً، حلّقت قضية صواريخ السكود في الأجواء المحلية والإقليمية والدولية، من واشنطن إلى السرايا الحكومية فمعراب ومعظم المواقف الداخلية، مترافقة مع تهديدات فيلتمانية وطمأنة حكومية!
كثرت الرسائل والتحركات أمس، لكن أخطرها جاء من مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، الذي بدا في جلسة استماع عامة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، كأنه يدفع باتجاه تبنّي قرارات ضغط على سوريا، إن لم يكن أكثر، على خلفية المزاعم عن تزويد سوريا حزب الله بصواريخ سكود، بقوله: «إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فسنراجع كل الأدوات المتاحة لنا بهدف دفع سوريا للتراجع عن خطوة استفزازية كهذه قد تؤثر على الحرب والسلام في المنطقة. علينا أن نقنعهم بألا يفعلوا ذلك، ولسنا سلبيين في الوقت الذي ننتظر فيه ونحلل إذا ما كانوا سيفعلون ذلك أو لا». وذكر أنه اتصل أمس بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، وأن الأخير نفى نفياً قاطعاً إمرار أسلحة، مضيفاً إنه أوضح للمعلم أن هذا الموضوع يبرز ضرورة إرسال سفير أميركي جديد إلى دمشق للتأكد من أن الرئيس السوري بشار الأسد يدرك الوضع. وقال: «عندما نواجه حالة طارئة كهذه نحتاج إلى التواصل مع القيادة السورية للتعبير لهم عن قلقنا». وتابع: «عندما يتخذ الرئيس الأسد قرارات من شأنها التأثير على الحرب والسلم في منطقته، عليه أن يدرك بوضوح ما هي التزاماته وما هي مواقف الولايات المتحدة وما هي الخطوط الحمر. الرئيس الأسد يتخذ قرارات في منطقة هشة وشديدة الخطورة. سوريا ارتكبت أخطاءً في الماضي، ودفعت ثمن تلك الأخطاء».
ورداً على مطالبات الجمهوريين بعدم إرسال سفير إلى دمشق، رأى فيلتمان أن الحد من مستوى التواصل مع الأسد، سيكون خطأً ما دام الأخير يتواصل مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
لكن الصورة اختلفت في الجلسة العادية لمجلس الوزراء أمس، حيث وصف رئيس الحكومة، سعد الحريري، التهديدات الإسرائيلية الأخيرة والكلام على أسلحة متطورة لدى حزب الله، بأنه «من باب التخويف والتهويل»، مطمئناً إلى «أن كل المؤشرات تستبعد نشوب أي مواجهات عسكرية».
لكن أغرب ما في الجلسة التي غاب عنها 6 وزراء، بينهم 4 بدأوا مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان زيارة رسمية للبرازيل، هو إحالة آتية مباشرة من الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، وتطلب رأي مجلس الوزراء في نية شركة «ألبان لبنان» رفع دعوى على إسرائيل أمام... المحاكم الإسرائيلية.
بدايةً، اعترض وزراء على مرور هذا البند عبر «الخط العسكري» مباشرة من بوجي إلى جدول الأعمال من دون المرور بأي وزارة لأخذ رأيها، وخصوصاً وزارتي العدل والخارجية. ثم أجمع الوزراء على أن مجلس الوزراء ليس هيئة استشارية، ولفت عدد منهم إلى أن مجرد البحث في الطلب يؤدي إلى الاعتراف بإسرائيل، وقال الوزير ابراهيم نجار بحدّة: «عليكم أن تعرفوا أن المحاكم الإسرائيلية تحكم باسم الشعب الإسرائيلي، وبالتالي، فإن التوجه إليها يعني اعترافاً ضمنياً بإسرائيل». لكن بوجي دافع بأن «أصحاب الشركة يعرفون ماذا يفعلون، وهم أرسلوها إلى مجلس الوزراء لكي لا يقال إنهم عملاء لإسرائيل، وهم يطلبون إبداء الرأي لكي يعطيهم مجلس الوزراء الإذن برفع الدعوى في إسرائيل».
وأدى النقاش إلى ارتباك الحريري، الذي طلب سحب البند واعتباره غير مطروح للنقاش.
أما الموضوع الذي استأثر بنصف وقت الجلسة، أي حوالى ساعة ونصف ساعة، فلم يكن موضوع إضراب وتظاهرات السائقين العموميين اليوم، بل ما يجب أن يقوله وزير الإعلام بالوكالة جان أوغاسبيان، عن كيفية مقاربة المجلس للموضوع، أي كان الهمّ هو الكلام لا مناقشة المطالب والحلول. واتفق على أن يتحدث أوغاسبيان عن عقد جلسة لاحقة لمناقشة خطة النقل من دون تحديد أي موعد ولو تقريبياً لهذه الجلسة، مع الإشارة إلى أن وزارة الأشغال والنقل كانت قد أعدّت خطة بالتعاون مع وزارة الداخلية، وأحالتها منذ وقت طويل على الأمانة العامة لمجلس الوزراء، دون وضعها على جدول الأعمال بعد.
كذلك، طرح إعطاء سلفة لوزارة الاتصالات لتمديد كوابل ألياف بصرية لمضاعفة سعة الإنترنت عشرين مرة وسرعتها، علماً بأن هذا المشروع كان قد طرح في جلسة سابقة، وأجّل للمزيد من الدرس، بانتظار تفاصيل تقنية من وزير الاتصالات. إلا أن هذا البند أقرّ بسرعة في جلسة أمس من دون أي مناقشة. أيضاً، وافق المجلس على إبرام اتفاقية دبلن لحظر إنتاج وتخزين واستعمال القنابل العنقودية، وعلى منح زوج اللبنانية الأجنبي إقامة بعد انقضاء سنة على الزواج، وأولاد اللبنانية من زوج أجنبي إقامة مجاملة لمدة تصل إلى 3 سنوات.
وفي التحركات أمس، توجه قائد الجيش العماد جان قهوجي، جنوباً، بادئاً من أضرحة شهداء مجزرة قانا الأولى، حيث أكد النائب عبد المجيد صالح «دور الجيش في حفظ الأرض وحمايتها جنباً إلى جنب مع المقاومة وأبناء الوطن»، وخاطب النائب نواف الموسوي، قهوجي، بالقول: «إنّ بوصلتكم كانت على الدوام في اتجاه العدو وستبقى كذلك، فقد عايشتم من موقعكم الميداني تجربة التنسيق مع المقاومة، وأنتم اليوم في موقعكم، كضمانة للجيش، الأقدر على الاستمرار في هذه التجربة التي أسهمت في إنجاز التحرير وتحقيق الدفاع».
ثم تفقد قهوجي الوحدات العسكرية في الجنوب، واجتمع في ثكنة مرجعيون مع قادة عدد من الألوية، وجال على الحدود في منطقة العباسية والوزاني، وقال إن استفزازات إسرائيل ومزاعمها وتهديداتها «ضد لبنان، بجيشه وشعبه ومقاومته، إنما تأتي في سياق هروب العدو من أزماته الداخلية لتضليل الرأي العام المحلي والدولي، إضافة إلى استطلاع موقف الجانب اللبناني من تطور الأحداث، واستدراجه إلى ردود فعل غير محسوبة»، مؤكداً «القرار الثابت والحاسم للجيش في الدفاع عن كل ذرة من تراب الجنوب، وفي التصدي للعدو بكل الإمكانات المتاحة، ومهما بلغت التضحيات».
لكن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، سمير جعجع، كان له رأي آخر، إذ رفض في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، معادلة الجيش والمقاومة والشعب، مقدماً الجيش كضحيّة، بالقول إن هذا الجيش «كما جميع اللبنانيين، مضطر في حال حصول مشكلة للدفاع عن لبنان، ولو لم يكن مساهماً في الوصول إلى الوضع الذي نكون قد وصلنا إليه». واقترح «إبقاء سلاح حزب الله كما هو، لكن بوضع قراره كلياً لدى الحكومة، بمعنى أن تعرف الدولة كمية السلاح الموجود ومكانه، وأن تقرر هي متى تستعمله وأين، فنثبت للعالم أن هذا السلاح قراره لبناني وليس إيرانياً أو سورياً».

» تلفزيون إسرائيل: عناصر "لبنان الجنوبي" يرون ان إسرائيل ألقتهم بالقمامة
» بوش: حرب إسرائيل على لبنان عزّزت ديموقراطيته!
» غاز لبنان ينذر بانفجار أزمة مع إسرائيل
» إسرائيل تحتج على هبة الأسلحة الروسية إلى لبنان
» إسرائيل: خريطة بنك الأهداف رسالة إلى لبنان