مساع في «البارد» لحل قضيتي الإعمار وبدل الإيجار

تُبذل مساع حثيثة لمعالجة المشاكل التي تواجهها «الاونروا» في مخيم نهر البارد على صعيد عملية الإعمار والإغاثة والمساعدات الاجتماعية، في مهمة يرى البعض استحالة في إتمامها في الوقت الراهن على أكمل وجه، لاعتبارات يشكل الجانب المالي لب القضية فيها، وإن كان هناك من يحاول أن يغمز في توصيفه للمشكلة من قناة الفساد و«سوء الإدارة».
وإذا كانت الوكالة قد استوعبت سابقاً بعض الضغوط التي واجهتها مع انتهاء أزمة البارد وبدء عودة النازحين إليه وصولاً إلى انطلاق ورش الإعمار، وتمكنت من امتصاص نقمة النازحين وتذليل الكثير من العقبات التي واجهة عودتهم ، إلا أنها اليوم تجد نفسها أمام مفترق طرق خطر وضعها في مواجهة ما كانت تخشاه سابقاً من تحركات شعبية غاضبة وانتقادات ارتفعت وتيرتها مؤخراً. وتأججت التحركات في وجه الوكالة بعد قرارها تخفيض بدل الإيجار من 200 دولار أميركي إلى 150 تزامناً مع تراجع وتيرة إعادة الإعمار في الرزمة الأولى، وبالتالي تأخر تسليم الوحدات السكنية عن الموعد الذي كان مقرراً في شهر تشرين الثاني لأكثر من شهر ونصف الشهر في حال تواصلت الأعمال بشكلها الطبيعي.
ففي الوقت الذي يستمر فيه نازحو البارد بتحركاتهم الاحتجاجية على قرار تخفيض بدل الإيجار، ومواصلتهم الاعتصام المفتوح أمام مركز «الاونروا» في طرابلس وإقفال مراكزها في مخيمي البداوي والبارد، كشفت معلومات خاصة لـ «السفير» عن اتصالات ولقاءات مكثفة جرت في الأيام الماضية بين الوكالة والجهات الفلسطينية المعنية، أفضت إلى التوصل إلى تصور شبه نهائي لحل المشكلة، من دون أن تعطي تفاصيل إضافية عن طبيعة الحل والآلية الجديدة التي ستعتمد لمعالجتها.
وأفادت المعلومات أن «الاونروا» بدأت تمارس ضغوطاً على الشركة الملتزمة إعادة الإعمار في الرزمة الأولى وعلى الاستشاري، من أجل الالتزام بتسليم الوحدات السكنية البالغة نحو 580 وحدة في الموعد المحدد».
وترى المصادر «أن كل الخيارات مفتوحة أمام «الاونروا» لاتخاذ ما تراه مناسباً بحق المقاول والاستشاري، ومنها اللجوء إلى القضاء لطلب التعويض المالي، وهو أمر تتجنب وكالة الغوث الدخول به خشية أن ينعكس على سير الأعمال ويتسبب بمزيد من التأخير في التسليم، إلا إنها لن تلغي ذلك من حساباتها».
وبحسب المعلومات، فإن ورش الإعمار في الرزمة الأولى تسير منذ أقل من أسبوع بشكل بطيء للغاية، الأمر الذي ينعكس على عملية التسليم».
وأصدرت «الاونروا» بياناً أوضحت فيه الأسباب التي دفعتها إلى تخفيض بدل الإيجار والخطوات المزمع القيام بها لمعالجة قضية التأخير الحاصل في الاعمار، مشيرة إلى أن الاحتجاجات أدت إلى إغلاق مكاتب الشؤون والإعلام ومكاتب مدراء خدمات المخيم في نهر البارد والبداوي». ويعود السبب، وفق الوكالة، إلى «مشكلة في السيولة حيث ان ما يتوفر لدى الوكالة من أموال (غير مخصصة) يغطي ثلاثة أشهر من إعانات بدل الإيجار، وهو مبلغ يزيد عن 1.5 مليون دولار، وبدلاً من الدفع لثلاثة أشهر في الوقت الحالي، ومواجهة أزمة في شهر تموز، حيث لن يكون هناك المزيد من الموارد للدفع، اتخذ القرار بالدفع لشهرين (نيسان وأيار) وكسب الوقت في سبيل الحصول على تمويل إضافي من المانحين لتغطية ما تبقى من العام، وهنا نذكر أنه لا توجد أي نية لخفض قيمة بدل الإيجار من 150 دولاراً للعائلة المستحقة في الشهر».
وتشير الوكالة في بيانها إلى أنها «تبذل كل الجهود الممكنة لتأمين أكثر من 3 ملايين دولار المطلوبة لتغطية إعانات بدل الإيجار للأشهر المتبقية من عام 2010 لنحو 3400 عائلة تستفيد منها حالياً»، وأنها ستواصل سعيها «للحصول على أموال إضافية من المانحين لتمكنها من رفع قيمة بدل الإيجار من 150 دولاراً دولار شهرياً إلى 200 دولار»، مذكرة «بأن عودتها للدفع على فترة 3 أشهر دورية تبقى مرهونة بتوفر الأموال».
وأكدت «الأونروا» في بيانها أنها «ملتزمة بما فيه خير الأهالي وصالحهم، وهي تعمل على المضي في برنامج الإغاثة للاجئين النازحين من جراء أزمة مخيم نهر البارد إلى حين إعادة أعمار منازلهم في المخيم القديم، وتقديم الخدمات والبرامج كافة بشكل فعال وفي الوقت المناسب، بما في ذلك برنامج بدل الإيجار، وهو مرهون بشكل دائم بتوافر الأموال، وهي تقوم بإجراء اتصالات مباشرة مع أطراف في المجتمع الدولي من خلال السفارات الموجودة في لبنان، للبحث عن الأموال اللازمة لتغطية الثغرات الحاصلة في خدمات الإغاثة حالياً، وتسعى للحصول على الثلث المتبقي اللازم لتغطية احتياجات الإغــــاثة والنهوض لعام 2010 الذي يبلغ 16.3 مليون دولار».
وحول عملية إعادة الاعمار، أوضح البيان أن «الأونروا تمارس ضغوطاً شديدة على المقاول والاستشاري بقصد تحسين التقدم في الرزمـــة الأولى، كما وجهت تحذيرات لهما من أن إجراءات صارمة ستتخذ مـا لم تعالج القضايا ذات الاهتمام، ولهذه الغاية تقرر أن يتواجد مسؤول قسم الاعمار في وحدة إدارة الشمـال بشكل يومي خلال الأسبوع المقبل للضغط من أجل تحقيق مزيد من التقدم وحل المشاكل على الأرض».
ولفت البيان الى حاجة ماسة إلى 50 نجار «باطون» و 50 معلم حديد للعمل في إعادة الاعمار، «وحتى الآن، لم يستلم مكتب التوظيف أي طلبات، وفي حال استمر الوضع على ذلك، فان «الأونروا» لن تجد بديلاً سوى السماح للمقاول بتشغيل عمال من غير الفلسطينيين».
وعن عملية اعمار مدارس «الاونروا» أكد البيان ان مجلس الوزراء اللبناني أعطى في 21 نيسان الحالي موافقته على رخصة بناء مجمع «الأونروا» في مخيم نهر البارد، «ولا بد من الموافقة على التصاميم التفصيلية لاثنتين من المدارس، اللتين ستكونان أول المباني في المجمع، بعد ذلك بوقت قصير، وسيتم اختيار المقاول لبنائهما فور الحصول على الموافقة».