إسرائيل والمفاوضات

أسرا ئيل والمفاوضات
لماذا تحاول الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة دائماً أن تتملص من الاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها مع الفلسطينيين والعرب ونخص بالذكر هنا الاتفاقيات التي أبرمت مع الجانب الفلسطيني بتا ريخ 19/8/1993/ والمسماة اتفاقية أوسلو وبعدها اتفاقية واي ريفر وخارطة الطريق وكلها كانت تتم برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بداية من قرار التقسيم وحتى المفاوضات الغير مباشرة والتي تجري الآن وبمباركة الرئيس الأمريكي أوبا ما وموافقة الجامعة العربية لقد كانت دولة إسرائيل وقادتها يتهربون من استحقاقات السلام فمنذ صدور القرار/181/1948/والمتضمن تقسيم فلسطين إلى دولتين دولة عربية ودولة يهودية وتحت كافة الحجج والذرائع يستولون على أرض فلسطين قطعة أثر قطعة سواء عن طريق بناء المستوطنات والاستيلاء على أرض السكان الفلسطينيين بالقوة وتحريض المستوطنون على مهاجمة منازل ومزارع السكان بل وحرق محاصيلهم وتدمير مزروعاتهم وأشجار الزيتون وغيرها خصوصاً وأن أكثر سكان القرى الفلسطينية يعتمدون على هذه الشجرة المباركة في حياتهم بل وكثيراً من الأحيان يقتلون ماشيتهم ويمنعونهم من الماء وقاموا بتدمير أبار المياه التي يستخدمونها في سقاية مزروعاتهم وكل هذا من أجل تهجيرهم من الأرض للاستيلاء عليها بحجة أنها أرض أجدادهم هذا عدا عن مما رسات المستوطنون حيال بيوت السكان ومحاولتهم الاستيلاء عليها أيضاً بحجة أنها تعود ملكيتها إلى اليهود أو بحجة أنها غير مرخصة وكل هذا يحصل أمام أعين وأنظار العالم ودون أن تتحرك ضما ئرهم بل أن الهيئات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان تقف عاجزة أمام مأساة هذا الشعب الذي يعاني الأمرين وفي المقابل أيضاً تقف بعض الدول العربية موقف المتفرج وموقف المحايد وتعتبر نفسها خارج هذا الصراع حيث أنها أقامت اتفاقيات تمنعها من دعم القضية الفلسطينية وهناك العديد من الدول العربية لها علاقة ومصالح مشتركة مع الكيان الصهيوني في كثير من المجالات فهي أيضاً أصبحت خارج الصراع العربي الإسرائيلي وهناك دول عربية أخرجت نفسها من هذا الصراع مع العلم أنها بعيدة عن الحدود مع فلسطين ولا تشكل إسرائيل أي خطر عليها وبخروج دول عربية لها وزنها في المنطقة بل وفي العا لم أصبح موقف القضية الفلسطينية ضعيفا هذا عداعن التمزق والانقسام الذي تعا ني منه الساحة الفلسطينية مما دفع بقادة العدو الصهيوني إلى التطاول على المقدسات الإسلامية والمسيحية فبعد نسف كل الاتفاقيات والتنصل من كل الحقوق الفلسطينية وفي ظل الظروف الفلسطينية والعربية العاجزة عن أي فعل يغير مجرى الأحداث باتجاه إيجابي يخدم القضية ومشروعنا الوطني بدأ يتنامى اليمين الإسرائيلي المتطرف وعلى رئسهم ليبرمان نتنياهو اللذان يمثلان قمة التطرف الإسرائيلي ونلاحظ تنامي بناء المستوطنات وبشكل متسارع وبكلفة عالية وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ففي القدس وحدها تم رصد أكثر من سبعة عشر مليار دولار لبناء المستوطنات وبتمويل من أغنى يهودا لعالم وعلى رئسهم الملياردير اليهودي من أصل روسي
ولا ننسى دعم منظمة الإيباك الصهيونية في أمريكا والعديد من المنظمات الصهيونية في أمريكا وأوروبا والعالم وهنا يتبادرإلى ذهن المواطن العربي سؤال عن ماهية الدم العربي الذي قدمته من خلال الجامعة العربية بكل قممها وبكل دولها النفطية والغير نفطية الفقير والغنية وهل ما قدموه سيسد رمق أبناء القدس العاطلون عن العمل أم سيكفي مدارس الأطفال المتعطشون للمعرفة والعلم أم سيبني بيوتا للذين أصبحوا بلا بيوت بعد أن استولى عليها المستوطنون الذين يغتصبون بيت أهالي القدس بدون أي وجه حق إن العدو الصهيوني مستمر في اغتصاب الأرض وتهويدها ومستمر في تهجير أصحاب الأرض الحقيقيين حتى وصل الأمر بحكومة نتنياهو بالتعدي على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي والكثير من الأماكن المقدسة ووصل الأمر برئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أن يعلن بأن القدس هي عاصمة إسرائيل الأبدية وبأنها جزء لايتجزء من إسرائيل وأنه لن يفاوض عليها
مع العلم أن القدس كانت خارج دولة إسرائيل في قرار التقسيم الذي صدر عام 1947ويحول اليمين المتطرف دائماً أن يبرر اغتصابه للأرض والمقدسات بادعائه انتمائه لهذه الأرض مع العلم أن العرب هم السباقون في عملية الانتماء لهذه الأرض وكما تذكر كتب التاريخ وبالأدلة القاطعة ومما لا يدع مجالاً للشك أن فلسطين هي أرض عربية حيث أن اليبوسون هم أول من قام ببناء مدينة القدس قبل أكثر من ثلاثة ألاف عام قبل الميلاد لتكون عاصمة لدولتهم وأسموها يبوس نسبة لليبوسيون والذين ينحدرون من العرب الكنعانيين والذين سكنوا فلسطين منذ الألف الرابع قبل الميلاد أما حكومة نتنياهو وحاخاماته فإنهم يستدلون على انتمائهم لفلسطين بوجود الهيكل الذي بناه النبي سليمان عليه السلام وبالرغم من مرور أكثر من ستون عاماً لم يستطيعوا إثبات ادعاءاتهم التلمودية العنصرية وعلى فرض أن سيدنا سليمان كان قد بني الهيكل مكان المسجد الأقصى فهل كان هذا النبي يهودياً بل أقول وبكل ثقة أنه كان مسلما والدليل على ذلك هو انه دعى بلقيس ملكة سبأ إلى الإسلام وعبادة الله الواحد الأحد وهذا ماجاء في كتابه الذي بعثه إليها وذكر في سورة النمل الآية 29/ 30/والتي يقول فيها إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين وقول بلقيس ملكة سبأ في الآية //44من سورة النمل أيضاً قالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين وهذا دليلا أخر يؤكد أن يعقوب وإسحاق كانوا مسلمين ولم يدعو ن لغير عبادة الله ولدين الإسلام وكما قال الله تعالى(( إذقال له ربه أسلم قال أسلمت لرب لعالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون البقرة 131)) وهذا دليلا أخر يؤكد أن كل أنبياء الله كانوا يدينون بدين الإسلام وهذا واضح من وصية النبي إبراهيم عليه السلام إلى بنيه وأحد أبنائه هو إسحاق والد سيدنا يعقوب عليه السلام واليهود يسمونه إسرائيل وهو مسلماًكما بينا من قبل وهو بالتالي عربياً نسبة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام وهذا يطول شرحه وهنا ك الكثير من الأدلة أيضاً على كذب إدعاءات اليهود سواء كان ذلك بشأن الأماكن المقدسة أو عروبة فلسطين أمابشأن الحرم الإبراهيمي وهو أيضاً أثر إسلامي نسبة إلى سيدنا إبراهيم والآية الكريمة التالية تؤكد لنا ذلك تقو ل الأية ((وما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين)) سورة أل عمران الآيتان65/66 وبالعودة إلى ما ذكرناه سابقاً لا بد لنا من أن نؤكد أن الحرم الإبراهيمي بني قبل نزول التوراة على بني إسرائيل بفترة طويلة ودليلنا على ذلك الآية الكريمة(( ياأهل الكتاب لما تحاجون في إبراهيم وما نزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون )) وهذا ينفي أي حق لليهود في السيطرة على الحرم وعلى أي من المقدسات في فلسطين وبالرغم من كل المحاولات التي يقوم بها هذا العدو والتي يرمي من خلالها تغيير معالم القدس وفلسطين التاريخية تحت الأرض وفوق الأرض بل وصل الأمر بهذا العدو إلى سرقة التراث الشعبي الفلسطيني والأطعمة والأغاني والفلكلور الفلسطيني إنهم يسرقون كل شيء وما زلنا نثق بهم ونقول مفاوضات مباشرة وغير مباشرة إنهم يبتلعون الأرض والتاريخ والأمل بالعودة ونحن منشغلون بتقاسم السلطة والتي هي عبارة عن سلطة خدمات لاأكثر وابتعدنا عن الهدف الأساسي الذي انطلقت من اجله الثورة الفلسطينية عام/ 1965/ ألا وهو تحرير فلسطين التاريخية والتي تبلغ مساحتها( 27’27)كم مربع وعودة اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها عام( 1948 ) ونسينا ألاف الشهداء والجرحى والأسرى بل نسينا بأن فلسطين لاتنحصر في بضعة كيلو ميترات يتم التفاوض عليها الآن وهي عبارة عن معازل وسجون لها بوابات أشبه بالغيتوات وعليها حراس ليل نهار فعلى ماذا يتفاوض الفلسطينيون للذين نسوا نذكرهم بأن المشروع الصهيوني عمره أطول من عمر اكتشاف القارة الأمريكية والتي اعتبرها اليهود الأوائل وظنوا أنها أرض الميعاد وهاجر قسماً منهم إليها وساهموا في إبادة الهنود الحمر لكن بعد فترة ليست ببعيدة انتبه القادة الصهاينة من بن غور يون إلى ويزمن على فلسطين وبدؤا يفكرون بشكل جدي فيها كوطن قومي لليهود هذامع العلم بأنهم لايشكلون قومية فهم من عدة قوميات ولا يجمعهم سوى الدين وهناك الكثير من الأدلة التي تؤكد أن إسرائيل لن تتنازل عن شبر من أرض فلسطين لأن غلاة الصهاينة ومنذ أن بدؤا بالتفكير في فلسطين وضعوا برامج وإستراتيجيات خبيثة تجعلهم يسيطرون عليها بالخديعة وبحرق المراحل أي أنها دائما تفاوض على أجزاء من الأرض التي تحتلها لاحقاً وتخلق ظروف ووقائع تجر المفاوض الفلسطيني إليها وتغرقه بالتفاصيل التي تبعده عن الهدف الأساسي للمفاوضات وهنا أيضاً لابد لنا من ذكر تفاعل دول العالم والمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة بشأن إيجاد حل للنزاع العربي الإسرائيلي فمنذ صدور القرار 181 لعام 1947 والقا ضي بتقسيم فلسطين ومروراً بالقرار(( رقم 242 لعام 1967)) ولمتضمن أسس شاملة للنزاع العربي الإسرائيلي وتلاه القرار رقم(( 338لعام 1973)) والمتضمن الانسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل ((عام 1967)) لكن وللأسف نقول بأن كل القرارات بقيت حبراً على الورق وهي قرارات غير فعاله لأن أي قرارات تصدر عن الأمم المتحدة بحاجة إلى آلية للتنفيذ والأمم المتحدة لم تستخدم أي آلية فعالة من أجل تطبيق تلك القرارات كما فعلت في أكثر من بلد في العالم مثل كوسوفو والتي استخدمت فيها القوة لفرض الحل هناك وللتذكير نقول إن الحركة الصهيونية رسمت لنفسها إستراتيجية إفراغ الأرض من السكان لتحقيق المقولة اليهودية أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وأخيراً طلع علينا نتنيا هو بقرار إبعاد ((70000)) ألف فلسطيني من الضفة الفلسطينية بحجة واهية وهي أنهم لايمتلكون إقامات وأنهم دخلوا خلسة إلى وطنهم هذه سخرية القدر كل هذا يتم لتشكيل دولة إسرائيل الكبرى لتكون الدولة التي تدور في فلكها منطقة الشرق الأوسط الجديد وللأسف وبالرغم من وضوح الرؤيا بشأن أطماع هذه الدولة الطارئة على منطقتنا العربية مازال البعض من الفلسطينيون مقتنعون بأن المفاوضات ستأتي بشيء ولا نريد هنا أن نحبط أحدا ولكن نود أن نسرد بعض ما قاله القادة الإسرائيليون يقول بن غور يون(( ستنشأ في المستقبل ظروف لتوسيع حدودا لدولة وإذا لم تنشأ هذه الظروف تلقائياً فعلينا أن نصنعها بأنفسنا)) وتقول غولدا مائير أن الحدود الدولية لإسرائيل حيث يتوطن اليهود وللفت الانتباه نذكر هنا بأن ما تقوم به إسرائيل الآن هو بالضبط ما سمي بمشروع دايان الأول في /19/6//1968/ والذي يفترض امتداد حدود إسرائيل من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط مع الاحتفاظ بمرتفعات الجولان والقدس واستخدام مرتفعات غربي الأردن كقا عدة دفاع ويليه مشروع ألون في 2/9/1970/ والذي يقوم على ضم مرتفعات الجولان وغزة وإقامة شبكة عازلة طولها( 15 كم) على طول نهر الأردن من الغرب ويكون لإسرائيل وجود عسكري فيها مع إعادة بقية الضفة الغربية إلى الأردن وهذا ما أكده حزب ألما بام أيضاً (عام 1969) ثم عاد وأكده (عام 1971) وهناك الكثير من تأكيدات العدو الإسرائيلي بعدم الانسحاب من أي منطقة تم احتلالها هذا كله يؤكد عدم جدية المفاوضات من قبل العدو وأنه يستغلها من أجل تمدد الاستيطان في كل أنحاء الضفة الغربية وتهويد القدس بالكامل وهو من أجل ذلك يضغط على المواطن الفلسطيني ويجبره على ترك البيت والأرض من أجل السيطرة على كل فلسطين وهو يتخذ من المفاوضات غطاء لاستكمال الحلم الصهيوني بتأسيس دولة إسرائيل الكبرى أليس عيباً على المفاوض الفلسطيني وبعد كل ما ذكرنا مازال يهادن هذا العدو ويثق به الم يرك بعد ولاة أر الشعب الفلسطيني بأنه لن يبقى شيء للتفاوض عليه إذا لم نجد إستراتيجية جديدة وإذا لم نعتمد على القوة في تحصيل حقوقنا ألم نتعلم من القول الذي قاله الحج أمين الحسيني إن المسألة الفلسطينية وكل المسائل العربية لاتحل إلا بقوة السلاح إن إتباع سياسة مبنية على الثقة بالخصم وحسن نيته وقناعته هي سياسة وهم لاسياسة رجل مؤمن بالعمل إن الحق الذي لاتدعمه القوة يصبح لدى الرأي العام دعوى باطلة تلك هي قضية الحضارة الحديثة الكبرى إن مفهومها عن الحق هو حق الأقوى وفي النهاية لابد لنا من السؤال ما هو المطلوب في هذه المرحلة هو
أولاً:::العمل على عودة الوحدة الفلسطينية بين كل الأطياف الفلسطينية
ثانياً:::استكمال الحوار الفلسطيني وصولا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية
ثالثاً::: التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كونها المظلة التي يستظل تحتها جميع القوى الفلسطينية وجميع الشعب الفلسطيني على أن يتم تصحيح مسيرتها وإصلاح كل مؤسساتها لصالح المشروع الوطني الفلسطيني
رابعاً:::تصعيد النضال الشعبي وتطويره لمصلحة دعم المفاوض الفلسطيني ولإعطائه قوة دفع ومنعه من التفريط بالحقوق الفلسطينية
خامساً:::تحريك الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز ومنظمة الوحدة الأفريقية وكل المؤسسات في العالم بما فيها مؤسسات حقوق الإنسان للضغط على مجلس الأمن والجمعية العامة لتنفيذ كل ماصدر عنهما بشأن القضية الفلسطينيةبدأًمن القرار 181لعام1947إلى القرار194إلى القرارات المتعلقة بالقدس وبالجدار إلى كافة القرارات ذات الصلة


بقلم كامل بشتاوي
حمص /سوريا
في 13/5/2010/