فلسطين وفيتنام.. علاقات تاريخية متجددة التاريخ : 24/5/2010 الوقت : 12:56

فلسطين وفيتنام.. علاقات تاريخية متجددة التاريخ : 24/5/2010 الوقت : 12:56
--------------------------------------------------------------------------------

هانوي 24-5-2010- سعدي الطميزي/ سفير فلسطين لدى فيتنام

تلبية لدعوة من الرئيس الفيتنامي نجوين مينه تشرييت، يصل الرئيس أبو مازن، اليوم 24 أيار إلى العاصمة هانوي في زيارة رسمية هي الأولى له بصفته رئيسا لدولة فلسطين، حيث سبق وأن زار فيتنام في شهر تشرين أول/ أكتوبر عام 1981، وسيجري الرئيس خلال زيارته مباحثات هامة تهدف إلى تعزيز وتطوير علاقات الصداقة والتعاون التاريخية بين البلدين والشعبين الصديقين.



وتعود علاقات الصداقة والتضامن الكفاحي بين فلسطين وفيتنام، إلى أواسط الستينات، وتحديدا عشية إعلان حركة التحرير الفلسطيني 'فتح' انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965. وقد شهدت العلاقات الفلسطينية الفيتنامية تطورا متسارعا. وافتتحت منظمة التحرير الفلسطينية مكتبا تمثليا لها في العاصمة هانوي عام 1976 عشية الانتصار التاريخي الذي حققه الفيتناميون ضد التدخل الأجنبي الأميركي، والذي تجلى بتحرير مدينة سايغون، وتوحيد شطري فيتنام في 30/4/1975. وقد رفعت فيتنام في العام 1981 مستوى تمثيل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية إلى بعثة دبلوماسية وكانت من بين أول الدول التي اعترفت بإعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988.



لقد قدمت فيتنام للثورة الفلسطينية دعما عسكريا وسياسيا، مميزا خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، بالإضافة إلى العديد من أشكال الدعم الأخرى. سياسيا وقفت فيتنام على الدوام وما زالت تدعم بقوة الكفاح الوطني الفلسطيني من أجل انجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وفي مقدمها حق تقرير المصير، والعودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ولعبت فيتنام دورا ايجابيا خلال فترة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن خلال عامين 2008 و2009. ولا تتردد فيتنام في إدانة كافة الممارسات غير المسؤولة التي تقوم بها حكومات الاحتلال الإسرائيلية المتعاقبة ضد الشعب الفلسطيني.



وتأتي زيارة الرئيس أبو مازن إلى فيتنام، في الوقت الذي تشهد فيه فيتنام اهتمام دوليا وإقليميا واضحا، وتحولات اقتصادية مهمة. لقد خرجت فيتنام من حروب مدمرة ومنهكة، وعاشت حالة من الفقر المدقع، وصل إلى ذروته مع التطورات التي شهدها العالم مع بدايات اتضاح مدى تأزم اقتصاد دول المعسكر الشرقي. وقد دفعت هده التطورات القيادة الفيتنامية إلى اتخاذ قرارات هامة خلال المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الفيتنامي، الذي انعقد في العام 1986، حيث تبنى المؤتمر سياسة اقتصادية جديدة أُطلق عليها تعبير 'DOI MOI'، بالفيتنامية، وتعني بالعربية 'التجديد'. وتقوم هذه السياسة على تجاوز المركزية الشديدة لإدارة الاقتصاد، وفتح المجال أمام تبني سياسة اقتصادية ليبرالية، تدعم إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة في مجال الإنتاج السلعي والزراعي، مع احتفاظ الدولة بالسيطرة على قطاعات الاقتصاد الإستراتيجية وصناعاته الرئيسية وقطاع المصارف. وقد فتحت هذه السياسات الاقتصادية الطريق أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، التي تزايدت بشكل مضطرد. وقد تحولت فيتنام من بلد كان يعاني من الفقر الشديد إلى بلد في مصاف البلدان ذات الدخل المتوسط. حيث أصبحت فيتنام من أهم 10 دول في العالم تؤمن الغذاء للبشرية، واحتلت المكانة الثانية بعد تايلاند في تصدير الأرز، كما احتلت فيتنام المكانة الثانية في العالم في تصدير البن. واحتلت المكانة الأولى عالميا في تصدير الكاجو والفلفل الأسود. كما أضحت إحدى المصدرين الرئيسيين للشاي والمطاط والأسماك، وكذلك الفحم الحجري. وتنتج فيتنام يوميا ما يصل إلى 500 ألف برميل من النفط. ونظرا لتنامي المنتجات الصناعية وقطاع الخدمات وكذلك المنتجات التقنية العالية الجودة، فقد تراجع الناتج المحلي الزراعي لصالح الناتج الصناعي خلال العام 2009.



ورغم الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت في العالم، فقد استطاعت فيتنام الحد من التدهور الاقتصادي وحافظت على نمو اقتصادي معقول ومستقر خلال العام 2009 وصل معدلة إلى 5.32 % ليحتل المكانة الثانية في منطقة شرق آسيا بعد الصين. وقد بلغت صادراتها خلال العام 2009 حوالي 60 مليار دولار في حين بلغ إجمالي وارداتها في نفس العام حوالي 70 مليار دولار أميركي.



لم تقتصر الإنجازات الفيتنامية على النمو الاقتصادي السريع، وإنما أضحت فيتنام شريكا استراتيجيا لكثير من البلدان، وكان لانفتاحها على العالم الأثر الكبير في توسيع دائرة علاقاتها ومكانتها الدولية، حيث تبوأت عضوية غير دائمة لمجلس الأمن لأول مرة في تاريخها السياسي خلال عامي 2008 و 2009. وتتربع فيتنام حاليا على مقعد رئاسة رابطة دول جنوب شرق آسيا 'الآسيان'. وارتفع عدد البعثات الدبلوماسية العاملة فيها إلى 90 بعثة، من ضمنها 11 بعثة دبلوماسية عربية.



إن الظروف التي عاشها الشعب الفيتنامي خلال ثلاثة عقود من الحروب بسبب العدوان على سيادته ووحدة أراضية، وسيادته، ومحاولة تقسيمه، تشبه إلى حد كبير الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني. ويمنح هدا التشابه علاقات الصداقة والتضامن الفلسطينية الفيتنامية زخما كبيرا يمكن البناء عليه وتسليحه بشبكة مصالح تخدم أهداف ومصالح شعبين صديقين.