تحليل: لا سلام مع الاستيطان التاريخ : 26/5/2010 الوقت : 14:49

تحليل: لا سلام مع الاستيطان التاريخ : 26/5/2010 الوقت : 14:49
--------------------------------------------------------------------------------

رام الله 26-5-2010 وفا- فراس ياغي

مرة أخرى يخرج رئيس وزراء اسرائيل بتصريحات ليس لها علاقة بطبيعة المفاوضات 'غير المباشرة' التي تجري بين الجانبين، فهو يخير الجانب الفلسطيني بين 'السلام الاقتصادي' او 'مناطحة اسرائيل'، بل يتحدث وكأن الامور قد تم حسمها لصالح ما أسماه 'السلام الاقتصادي والازدهار'، في حين يقوم المبعوث الامريكي جورج ميتشل بجولاته المستمرة مركزا على ملفات 'الحدود والامن' في محاولة منه لرسم خطوط واضحة بالمفهوم الجغرافي للدولة الفلسطينية المستقبلية، ومفاهيم ثابته حول الهاجس الامني الاسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بالمرتفعات الشرقية والوسطى والاغوار بالتحديد، الرئيس محمود عباس أكد ومن جديد على امكانية رسم الحدود والاتفاق في موضوع الامن، واعتبرها قابلة للتحقيق خلال أسبوع واحد لو توفرت النية لدى حكومة نتنياهو لذلك، وقال 'أن القضية لا تحتاج لأكثر من اسبوع لحلها إذا إقتنع نتنياهو بالسلام'. أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أكد في معرض حديثه لاذاعة فلسطين 'أن المفاوضات لم تبدأ بعد بشكل فعلي وحقيقي، والجانب الفلسطيني لم يستلم شيئا بعد في أي موضوع' وقال ' مفهوم السلام الاقتصادي غير وارد الحديث حوله وهو مرفوض ويعبر عن إرادة حكومة نتنياهو وتوجهها حول السلام'.

القرار الفلسطيني الخاص بمقاطعة بضائع المستوطنات والحملة الرسمية والشعبية المستمرة هي تأكيد على رفض الاستيطان، وخطوة عملية باتجاه رفض محاولة شرعنته، خاصة بعد العودة للمفاوضات 'غير المباشرة'..تهديدات اسرائيل للسلطة وقرارها بخصم 17% من عائدات السلطة للضرائب محاولة مكشوفه لكسر هذا القرار ومحاولة ابتزازية لن يخضع لها الجانب الفلسطيني لان الامر يتعلق بشكل غير شرعي مفروض بالقوة العسكرية ويتمثل باستيطان سرطاني يمتد ليشمل قضم الارض الفلسطينية وانهاء مفهوم حل الدولتين، ويصل لقلب اسرائيل كمفهوم وكفكر، والمفاوضات الجارية لا تلغي طبيعة الصراع القائم ولا حتى توقفه، ما يحدث هو جزء من عملية التفاوض نفسها وتتماشى مع مواقف المجتمع الدولي الرافض للاستيطان القديم والجديد والمجمد وما ينتج عنه بكل المفاهيم الاقتصادية وغيرها..موافقة القيادة الفلسطينية وبدعم عربي على إعطاء فرصة لإدارة أوباما ولمدة أربعة شهور لمفاوضات غير مباشرة، ليس لها علاقة لا باستمرار مواجهة الاستيطان ولا بمصطلحات 'نتنياهو' وفهمه حول السلام، فمرجعية المفاوضات واضحة ولا لبس فيها، قضايا الوضع الدائم الخمس، وعلى رأسها حدود الرابع من حزيران والتي يعترف مجمل العالم على انها احتلال وبقوة السلاح.

خطوات التسهيل التي يتحدث عنها رئيس حكومة إسرائيل، ويطالب بمقابل عنها من الجانب الفلسطيني، توحي بأن الرجل يخفي رأسه بالرمل أو يتغاضى عن واقع الحال لصالح نظرياته التي رفضها المجتمع الدولي قبل الجانب الفلسطيني، فالصراع ليس على السماح للبضائع بالدخول ولا على حركة المواطنين ولا على الحواجز العسكرية، فهذا كله مظاهر ناتجه عن استمرار الاحتلال ..القضية تتعلق بحق تقرير مصير وبحرية شعب يرزح تحت آخر احتلال بالقوة العسكرية..القضية تتعلق بمفهوم حل الدولتين، ببقاءه او بتعذر التوصل له، والمفاوضات الجارية ستكون آخر مشوار في هذا المجال، فلا سلام في المنطقة ككل بدون تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه باقامة دولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران وبعاصمتها القدس الشرقية وبحل عادل لمشكلة اللاجئين متفق عليه ووفقا للقرارات والشرعية الدولية.

تصريحات نتياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وتهديداته وقراراته لا تخدم عملية السلام، بل تعتبر تجاوزا لكل المرجعيات واستفزاز للجهود الامريكية، فقضية الاستيطان هي التي جمدت المفاوضات لمدة سنة ونصف، وعودتها جاءت بعد الاتفاق على تجميد الاستيطان لفترة من الزمن وافقت عليها نفس الحكومة التي تهدد الآن..

القيادة الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني أخذت قرارا لا رجعة عنه في موضوع مواجهة الاستيطان غير الشرعي على مجمل الارض الفلسطينية، ومن حقنا الطبيعي مقاطعة بضائعه ورفض العمل في مصانعه ومشاريعه التي هي اعتداء صارخ على كل القوانين الدولية، فلا سلام مع الاستيطان، ولا حل بمفهوم دولتين لشعبين ببقاء الاستيطان واستمراره.