سر تكتل النواب المسيحيين ضد مشروع الحقوق للفلسطينيين

ما حصل في مجلس النواب اخيراً لم يكن امراً معتاداً اذ ليس كل يوم يتسنى للبنانيين مشاهدة نواب من كتل مسيحية يلتقون على رفض او تأييد مشروع قانون او قرار او حتى فكرة قد تطرح ضمن الشارع او المؤسسات الدستورية. لذلك، التقى نواب "القوات اللبنانية" ونواب "الكتائب" ونواب "التيار الوطني الحر" على رفض مشروع قرار اعطاء الحقوق المدنية للفلسطينيين الذي ايده نواب "المستقبل" و"كتلة التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" والمقدم من قبل "اللقاء الديمقراطي".
وضاعت المسألة بين النواب حيث طالب البعض باجراء تسوية بين الحقوق المدنية وسحب السلاح الفلسطيني الفلسطيني خارج المخيمات، وطالب البعض الآخر باعطاء ضمانات لعدم حصول التوطين، فيما تخوفت فئة من النواب من ان رفض اعطاء الحقوق للفلسطينيين يعتبر بمثابة "استثمار في الارهاب".
وفي خضم هذا اللغط الذي ساد، كان المرج باحالة الموضوع الى لجنة الادارة والعدل النيابية كسباً للوقت. ولفت هذا الانقسام النيابي عدداً من المراقبين الذين رأوا فيه مؤشراً لتسوية ما تلوح في الافق في ما خص الموضوع الفلسطيني، واعرب هؤلاء عن اقتناعهم بأن ما حصل لا يمكن ان يكون "ابن ساعته" بل تم التنسيق حوله، بمعنى ان الجميع كان يعلم مسبقاً كيفية حصول التصويت ومن الذي سيؤيد ومن الذي سيعارض، علماً ان "الحملة الشرسة" التي شنها النائب وليد جنبلاط ورئيس الحكومة سعد الحريري ما لبثت ان "ذابت" بمجرد الانتهاء من الجلسة، حيث اوضح جنبلاط موقفه لجهة عدم استهدافه المسيحيين، فيما تكفلت الاتصالات التي اجريت بتوضيح كلام الحريري عن "استثمار" النواب المعارضين للمشروع في الارهاب.
وكشف ان التقارب بين النواب "المتخاصمين" سياسياً يصب ايضاً في خانة طائفية تماماً كما صبت آراء النواب المؤيدين للمشروع، من هنا كان تأكيد المراقبين ان المسألة "طبخت" على مستوى عال من التنسيق، بمعنى ان المسيحيين حافظوا على ماء الوجه امام قاعدتهم الشعبية من خلال رفضهم للمشروع نظراً لحساسيته بالنسبة الى المسيحيين الذين يتخوفون من "اختفائهم" في حال حصول التوطين، ناهيك عن الحساسية المفرطة التي يعانون منها تجاه الفلسطينيين بنوع خاص.
اما على الخط المقابل، ففي حين ينظر "المستقبل" باطمئنان الى مسألة الفلسطينيين، فإن الدفاع الشرس عنهم في هذا الشكل يعود الى استمالتهم وابقائهم تحت الغطاء السياسي الذي تفرضه عليهم النائبة بهية الحريري في صيدا، لان اي اهتزاز بهذا الموضوع سيعرض المدينة لمشاكل امنية يتطل بحلها الكثير من الوقت والجهد.
في المقابل، يجهد "حزب الله" و"امل" لعدم ظهور المسألة وكأنها صراع مذهبي بين الطائفة الاسلامية لان الفتنة الشيعية- السنية من شأنها ان تعوق كل الجهود والمحاولات التي بذلت على المستويين الاقليمي والمحلي في سبيل عدم العودة اليها تحت اي ذريعة، ولذلك تم تطويق ذيول 7 ايار بسرعة منعاً لتفاقمها.
من هنا، يرى المراقبون ان التقارب الذي حصل يؤشر الى ان الوسيلة الوحيدة لجعل الجهات المسيحية الاساسية تلتقي هو العودة الى مسألة حماية المسيحيين، خصوصاً بعد الانذار الذي وجهه البابا بنديكتوس السادس عشر حول هذه المسألة وحول الوجود المسيحي في الشرق، علماً ان المراقبين لا يبدون الكثير من التفاؤل حين يتعلق الامر بأحد الافرقاء مباشرة بمعنى انه اذا توافرت معطيات التصادم فلن تكون وحدة المسيحيين اولوية.