جميل السيّد مطلوب للتحقيق.. وسمير جعجع مستعدّ لـ"مواجهة" من يعترض "في الشارع"!

وفي اليوم الرابع، تحرّك القضاء دفاعاً عن "الدولة"..
قال جميل السيد كلمته ومشى..
لم ينظر خلفه، لم يكترث لـ"الارتباك" الذي سيطر على كلّ مكوّنات "الدولة" التي احتاجت أربعة أيام لتلاحظ أنّ الكلام الذي أدلى به اللواء خطير وخطير جداً ويستدعي المتابعة..
وقبل أن يخطئ أحد الظنّ، لا بدّ من التوضيح..
"الخطير" في كلام جميل السيد ليس ما كشفه من معلومات خطيرة عن السلطات السياسية والقضائية في هذا البلد.. "الخطير" في كلام جميل السيد ليس ما كشفه من معلومات خطيرة تستوجب أقله تدقيقا وتمحيصاً لمعرفة مكمن الخلل ومحاسبة المقصّرين أو محاسبته في حال كان مضللاً..
لا، "الخطير" في كلام السيد هو، بكل بساطة، أنه عرّض سمعة "الدولة" للاهتزاز، رغم كونها "مهتزّة" أصلاً، هي "العاجزة" عن احترام لقبها كـ"دولة".. "الخطير" في كلام السيد هو أنّه هدّد بـ"أخذ حقه بيده" وأنه هدّد أمن الدولة ورئيس الحكومة والقضاء..
هذا هو "الخطير" في كلام جميل السيد الذي حوّله إلى "مطلوب للتحقيق"، وفق منطق "دولتنا" التي تؤكد يوماً تلو آخر حرصها على "مكانتها" لدى أبنائها..
على أنّ خبر استدعاء اللواء السيد للتحقيق وصل إلى رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع باكراً فأعدّ العدّة لـ"المواجهة"، مواجهة كل من سيفكر بـ"الاعتراض" مهما تطلب ذلك من "تضحيات"..
لا يبدو ذلك غريباً خصوصاً بعد اشتعال كل "الجبهات" فجأة في عزّ ما يسمّى بـ"التهدئة المزعومة" وبعد أن أخرج الفريقان المتصارعان كلّ ما في جعبتهما من شتائم وكلمات نابية بوجه بعضهما البعض، وبعد أن استعادت القوى السيادية خطاب الماضي محذرة اللبنانيين من "انقلاب حقيقي" يتمّ التجهيز له بما يذكّر بما كان يحصل عشية الرابع عشر من آذار من العام 2005.
السيد مطلوب..
"النيابة العامة تطلب استجواب جميل السيد"، عنوان بالخط العريض تصدّر صحيفة "النهار"..
وفي التفاصيل أنّ النائب العام التمييزي سعيد ميرزا أصدر مذكرة كلف بموجبها قسم المباحث الجنائية جلب اللواء الركن جميل السيد بصفة مدعى عليه بتهديد أمن الدولة والنيل من دستورها وتهديد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والتهجم عليه والتهجم على القضاء وأجهزة الدولة. وطلب ميرزا من قسم المباحث استجواب السيد والتحقيق معه واطلاعه على النتيجة لاتخاذ القرار المناسب. وأفادت المعلومات نفسها ان وزير العدل ابرهيم نجار كان قد كلف، عملا بالمادة 14 من أصول المحاكمات الجزائية، النائب العام التمييزي الادعاء على السيد في ضوء المؤتمر الصحافي الذي عقده الاحد الماضي بهذه التهم، وبعد اطلاع ميرزا على الشريط المسجل للمؤتمر وتفريغه حرفيا أصدر مذكرته بناء على التكليف.
وللقصة تتمّة، فبحسب صحيفة "الأخبار"، فقد وصلت وصلت سيارة إلى منزل السيّد في منطقة السمرلند عند السادسة والنصف من مساء الثلاثاء، رغم أنّ القاصي والداني يعلمان أنّ جميل السيد موجود في باريس منذ الاحد في انتظار صدور قرار قاضي الامور التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين في شأن طلبه الحصول على وثائق من التحقيق الدولي في موضوع "شهود الزور".
وبالعودة إلى رواية "الأخبار"، فقد أبلغ ركاب السيارة حراس منزل اللواء الركن أنهم من المباحث المركزية ويودون إبلاغ السيّد إشعاراً بضرورة المثول أمام المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا. وسرعان ما غادروا بعدما أبلغهم الحراس أن السيّد خارج البلاد، في فرنسا. وأكدت المعلومات المتوافرة للصحيفة أن تحرك النيابة العامة جاء بصورة تلقائية من دون أن يرفع أحد من المتضررين من كلام السيّد شكوى عليه، بسبب اعتبار النيابة العامة أن السيّد هدد رئيس الحكومة اللبنانية. وذكرت أوساط قريبة من رئيس الحكومة لـ"الأخبار" أن النيابة العامة لن توقف السيّد، لكنها ستستمع إلى إفادته، وإن لم يرتدع فستوقفه المرة المقبلة، وسط تأكيد مصادر رئيس الحكومة سعد الحريري أن "زمن السكوت عن إهانات السيّد ولّى".

"الحكيم" جاهز!
جميل السيد مطلوب للتحقيق..
وإذا كانت المفارقة لافتة بأنّ الخبر نشر بعد ساعات على دعوة رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون إلى "العصيان" وعدم الامتثال لأوامر القاضي سعيد ميرزا، فإنّ بعض المتابعين يرجّحون أن يكون جميل السيد أوّل "الملتزمين"..
فاللواء الركن، الذي سبق أن أعلن استعداده للمثول امام القضاء، قال ذلك ظناً منه أنّ القضاء سيستدعيه كـ"شاهد" ليسأله حول الحقائق التي كشفها لا كـ"مدّعى عليه" بتهمة "هزّ سمعة الدولة"..
لكن، لمن سيفكر بـ"العصيان"، عليه أن يعرف أنّ "الحكيم" له بالمرصاد!
فعلى ذمة صحيفة "السفير"، جمع رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع عددا كبيرا من كوادر "القوات" وأبلغهم بأن القضاء اللبناني سيستدعي في الساعات المقبلة اللواء السيد للتحقيق معه في الاقوال التي أدلى بها خلال مؤتمره الصحافي الأخير.
القصة لا تقف عند حدود معرفة "الحكيم" المسبقة بالخبر فما قاله لكوادره فيه من الخطورة الكثير. فبحسب
"السفير" أيضاً، قال جعجع لكوادره إنه إذا رفض السيد المثول أمام القضاء فإن الأخير سيكمل مساره وصولا إلى توقيفه، وفي حال حاول أحد ما الاعتراض على هذا المسار فسنواجهه في الشارع إذا لزم الأمر.
ولمن لم يصدّق لدى "الحكيم" وصفته الأكيدة: "تاريخ القوات يثبت أنها تُقرن أقوالها بالأفعال"!

كلمة أخيرة..
هي "الدولة" التي "اهتزّت" بفعل كلام جميل السيد..
هي "الدولة" التي "اهتزّت" بسبب قول جميل السيد أنه سيأخذ حقه بيده ولم "تهتزّ" بفعل الحقائق الخطيرة التي كشفها الرجل تماماً كما أنها لم تهتزّ حين كشف النقاب عن "براءة" من زجّتهم في السجون لسنوات وسنوات دون محاكمة..
هي "الدولة" التي "اهتزّت" بسبب "انتفاضة" رجل يبحث عن "حق ضائع"..
هي "الدولة" التي "لن تهتزّ" أمام "حملات الدفاع" التي بدأت تفتخر بها، حملات الدفاع التي تتعهد بعدم توفير الشارع وتعدّ العدّة له..
وتصبحون على وطن!