الشارع الإيراني يقتحم خطط الغرب النووية

مواجهات طهران الدامية، بين المتظاهرين الإصلاحيين والشرطة، لم تأخذ الدبلوماسية الفرنسية على حين غرة. لا يكل وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير، عن تكرار ما أصبح لازمة في مؤتمراته الصحافية، منذ اندلاع الاحتجاج الإيراني قبل ستة أشهر عن «التغيير الذي يتقدم في الطريق إلى طهران».
ورسمياً، كان لا بد أن يحمل المتحدث باسمه برنار فاليرو، إدانة إضافية وتقليدية، «من فرنسا القلقة إزاء العنف الذي رافق تظاهرات طهران، وهي ترى أن تشديد القمع لا يفضي إلى أي حل، وتدين الاعتقالات التعسفية لمتظاهرين بسطاء كانوا يطالبون بحرية التعبير، وحقوقهم الديموقراطية، وتحيي الشجاعة الكبيرة التي يتحلى بها الشعب الإيراني، وتدعو إلى حل سياسي».
وتغيب في طيات البيانات الفرنسية منذ أسابيع، الإشارات الماضية إلى معارضة فوز محمود أحمدي نجاد بالرئاسة، وتتجاوزها إلى الاعتقاد أن الاحتجاج، كما بدا في مواجهات طهران، قد دخل مرحلة جديدة لا علاقة لها بحركة تقتصر على الاعتراض على تزوير نتائج الانتخابات. فإطلاق النار على المتظاهرين في ذكرى عاشوراء من جهة، وتبني هؤلاء من جهة أخرى استراتيجية شبيهة بتلك التي تبناها أنصار الإمام الخميني لإسقاط الشاه بتحويل تشييع أي متظاهر يقتل إلى مناسبة جديدة للنزول إلى الشارع، يفتح دورة عنف جديدة، وينقل الاحتجاج الإيراني إلى مستوى أعلى وأخطر.
في منعطفه الجديد، يقحم الاحتجاج الإيراني نفسه في أجندة الدبلوماسيات الغربية، والفرنسية منها خصوصا. وكانت قد تميزت بسعيها إلى وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، من خلال دعوة لا بديل عنها إلى المقاربة المزدوجة: جزرة الحوافز الاقتصادية وهبة النووي المدني، أو عصا العقوبات الدولية.
فمن جهة، يعترف مسؤول فرنسي كبير بأن الشارع الإيراني المشتعل قد أصبح وازنا نسبيا، في معادلة الملف النووي الإيراني، لكنه لا يزال يتردد في تحديد موقعه، ولا يتوقع أن يسبب نجاحه بأي حال، انقلابا جذريا في المعطيات على طاولة المفاوضات النووية «وإذا ما حدث أي تغيير في هذه المعطيات فلن يكون كبيرا، لقد تولد لدينا شعور أن هناك محورا ارتسم في إيران في الموقف من البرنامج النووي، وقد بدأ هذا البرنامج النووي في عهد الشاه، ويتواصل كائنا ما كان الحاكم، من دون أي تغيير في موقف، نراه يزداد تصلبا مع مرور الوقت. والحكمة تقضي أن نواصل المقاربة المزدوجة لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات».
ويضيف إن الأوضاع الاقتصادية الإيرانية كارثية، وهذا عنصر يزن أكثر بكثير من التطورات الداخلية، فعوض أن تكون إيران بلد غني، تضطرها العقوبات إلى شراء الغاز من تركمانستان رغم أنها تملك الاحتياطي العالمي الثاني من هذه المادة، وتستورد أربعين في المئة من البنزين وهي بلد الاحتياطي العالمي النفطي الثالث».
ويقدم المسؤول الفرنسي المشرف على السياسة الخارجية، موقفا نموذجيا في التردد الذي يتنازع الدبلوماسية الفرنسية إزاء الحدث الإيراني، والشك في مدى إمكانية استغلاله في مواجهة الجمهورية الإسلامية والضغط على مراكز القرار فيها، لاعتقادها بأن زمن الاحتجاج البطيء في الشارع، لا يتطابق وزمن البرنامج النووي ومواعيده الأقرب مع القنبلة، من أي تغيير مرتقب في توجهات النظام الإيراني. وإذا صدق في ما قاله لـ«السفير»، فإن «هدف الأسرة الدولية ليس تغيير النظام الإيراني ـ وإنما سياسته، وليس لنا أن نختار من يفاوضنا».
إلا أن الفرنسيين لا يجهلون أن الإدارة الأميركية لا تزال تتردد في توجيه إنذارات جديدة إلى طهران بشأن برنامجها النووي. كما أن الحديث لا يزال مستمرا عن الحوار مع طهران رغم قرب انتهاء مهلته التي حددها الرئيس باراك اوباما، بانتهاء العام الحالي. ولا أحد يجهل أن طرح عقوبات على إيران، في لحظة ارتفاع حدة الاحتجاج، ستشكل هدية مجانية لنظام الجمهورية الإسلامية وتؤدي إلى عزلة الاحتجاج وتصطدم الرغبة بتشديد العقوبات بالخوف من أن يساهم ذلك في توحيد الجبهة الداخلية الإيرانية، ورغبة الرئيس الأميركي بمنح المعارضة الداخلية المزيد من الوقت، وإدراجها عنصرا في مواجهة طهران.
ومن المنتظر أن تؤدي مفاعيل الوجبة الرابعة من العقوبات إلى فرض حصار فعلي يطال الحياة اليومية للإيرانيين. وتواجه مجموعة الدول الست اختبارها الأول لتقرير الوجهة العامة لسياستها الجديدة تجاه طهران في الأسابيع الأولى من السنة الجديدة.

» الشارع العربي في نيويورك
» اختتام فعاليات مهرجان الشارع في بيت لحم
» ميقاتي إلى السرايا و «المستقبل» إلى الشارع
» 3 تيارات تتصارع على الشارع المصري ..
» "Street voice".. طالعين من الشارع