التأكيد أن قرار الاحتلال بخصوص'كوبانية أم هارون' كان سياسيا ومُعد مُسبقاَ

أكد متحدثون بمؤتمر صحفي عُقد، اليوم الخميس، بالفندق الوطني وسط مدينة القدس المحتلة، أن محاكم الاحتلال جزء لا يتجزأ من أدوات الاحتلال في السيطرة على المباني والعقارات والأراضي الفلسطينية في مدينة القدس، وإنها لم تقف بموضوعية لإنصاف القضايا التي يرفعها المقدسيون.

وجاء المؤتمر، الذي دعا له الائتلاف الأهلي للدفاع عم حقوق الفلسطينيين في القدس، بخصوص تداعيات قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي العليا قبل أيام برد المواطنين المقدسيين مالكي أرض المقاع أو كُبانية أم هارون بحي الشيخ جراح وسط المدينة المقدسة.

واستهل عريف المؤتمر وخبير الأراضي والاستيطان، خليل التفكجي، المؤتمر بكلمة أكد فيها أن من أخطر ما تواجهه القدس اليوم هو إحالة عطاءات بناء الوحدات والأحياء الاستيطانية للقطاع الإسرائيلي الخاص، كما هو حاصل في قضية الاستيطان بفندق شبرد، والجزء الشرقي من حي الشيخ جراح ورأس العامود وغيرها، مؤكدا أن محاكم الاحتلال تؤكد مرة تلو الأخرى عدم حيادها وموضوعيتها وإنها أداة متقدمة من أدوات الاحتلال، لافتاً إلى رفضها كل المستندات والأوراق الثبوتية المتوارثة من حقبة العثمانيين والأردنيين وإصرارها على تمليك الجماعات اليهودية لأرض الشيخ جراح تمهيدا لإقامة بناء استيطاني في إطار تهويد مدينة القدس المحتلة.

وتحدث في المؤتمر كل من: يحيى عبد ربه السعدي، ودرويش سليمان حجازي السعدي، متوليا وقف الأرض المذكورة، واستعرضا، في كلمتيهما الخلفية التاريخية للقضية، ومنها أن ملكية الأرض تعود للأخوين: محمد وإبراهيم ولديْ معو الصغير السعدي بنسبة سبعة عشر قيراطا بموجب حجة وقفهما المؤرخة سنة 1229 هجري، بشراكة الراحل سليمان درويش حجازي السعدي بحصة سبة قراريط كامل الـ 24 قيراطاً ملكاً عن طريق الشراء من عام 1961م.

ولفتا إلى أنه في العام 1310هـ قام متولي الوقف عبد ربه بن خليل بن إبراهيم بتأجير الأرض المذكورة وبإذن شرعي على طريق التحكير لمدة تسعين عاماً لشخص يهودي يدعى: يوسف بن رحاميم ميوحاس على أن يدفع المحتكر أجرة رقبة الأرض (الحكر السنوي) للمحكر تنتهي هذه الإجارة بتاريخ 1400هـ، وقد سجلت الأرض المحكرة المذكورة في دائرة الطابو التركي باسم الوقف كمالك للأرض، وسجل المحتكر المذكور كمنتفع بالأرض يحق له الانتفاع بها بالبناء والزراعة، كما يحق له التصرف بما هو علي الأرض متصرف المالك طالما التزم بسداد أجرة رقبة الأرض دفع قيمة الحكر السنوي.

ولفت المتحدثان الى أن المحتكر اليهودي قام بتقسيم الأرض والتي تبلغ مساحتها نحو ثمانية دونمات إلى 68 قسيمة صغيرة تتفاوت مساحتها من بضع عشرات من الأمتار المربعة إلى قسائم كبيرة بمساحة مئات الامتار، وقام ببيع المنفعة بهذه القسائم لأفراد آخرين من اليهود لإقامة بيوت صغيرة عليها وتم تسجيل كل مشتري بدوائر الطابو التركي كمنتفع أيضاً بالأرض وتسمية وقف عبد ربه كمالك لرقبة الأرض، وشكلت هذه المباني حياً يهودياً صغيراً من البيوت المتواضعة عُرفت فيما بعد بكوبانية سارة أو كوبانية أم هارون.

وأوضحا بأن كل شاري جديد لقسيمة صغيرة كان يلتزم بدفع الايجارة السنوية لمتولي الوقف، وكان المتولي يحرر له إيصال قبض بذلك، وأشارا إلى أن دائرة الأوقاف الإسلامية تعج بالأوراق والمستندات التي تشير إلى معاملات من هذا النوع كما أن دائرة الأوقاف تحوي مئات السجلات الخاصة بأرض المقاع.

ولفتا إلى أن سداد دفع الحكر والإيجار السنوي استمر حتى عام 1947م وهو موثق بالإيصالات ومعاملات دائرة الأوقاف.

وفي عام 1947م بدأت المناوشات بين اليهود والفلسطينيين في القدس، وبما أن الأرض تقع بالقرب من خط التماس بين شطري المدينة فقد رحل المستأجرون اليهود عن الكوبانية إلى الشطر الغربي من المدينة تاركين وراءهم البيوت الصغيرة في حالة مزرية من الخراب، وبعد دخول الجيش الأردني للقدس، أقامت الأردن في خمسينات القرن الماضي دائرة حارس أملاك العدو، وقامت بحصر وتسجيل وإدارة أملاك اليهود، وتم تسجيا الأبنية المقامة على الأرض في كوبانية أم هارون ضمن هذه الدائرة، وقام بعض الفلسطينيين ممن هجروا من أراضيهم في العام 1948م باللجوء إلى البيوت الصغيرة في كوبانية أم هارون وقاموا باستصلاحها للسكن وأقاموا فيها، فيما قامت دائرة حارس أملاك العدو بعمل عقود إيجار لهؤلاء السكان وتحصيل إيجار منهم. وفي بداية الستينات أعلنت الأردن التسوية في المنطقة، حيث ادعى حارس أملاك العدو بملكية الأرض كما قدم الراحل سليمان حجازي شريك الوقف ومتولي الوقف ادعاءً بملكية الأرض، وبسبب تدخل دائرة حارس أملاك العدو تم تعطيل أعمال التسوية حتى نكبة عام 1967م، وانتهت فترة الايجارة الطويلة سنة 1400هـ الموافق بداية سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وبدأ الحراك من قبل الراحل حجازي، ومتولي الوقف الجديد يحيى زكريا عبد ربه السعدي من أجل استعادة ملكية رقبة الأرض.

أما المحامي حسين أبو حسين، فأسهب في سرد التفاصيل المتعلقة بالمداولات الخاصة بقضية الأرض في محاكم الاحتلال، مُبيناً أنه تم تقديم كافة المستندات التي تم الحصول عليها سواء من تركيا أو الأردن أو من دائرة الأوقاف الإسلامية إلى المحاكم إلا أن هذه المحاكم، وخاصة العليا، ردت طلب المالكين وبالتالي أعطت تمليكاً لمن لا يملك وسلبت أصحاب الملك حقهم.

وأورد المحامي تفاصيل هامة في قضية إبراز الوثائق والمستندات التي لا تدعو مجالا للشك، لكنه أقر بأن القرار كان سياسياً، وقال: 'إن محاكم الاحتلال لا تُغرّد خارج السرب؛ ولن نجد العدالة بمحاكم الاحتلال'.

وأوضح أن 'قرار محكمة الاحتلال طُرّز وخُيّط للوصول إلى هذه النتيجة بسلب ملكية الأرض من أصحابها الشرعيين'.

وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين، أكد المحامي أبو حسين أنه لا جدوى من الاستمرار في إعادة طرح القضية أمام محاكم الاحتلال، وأن المطلوب هو ممارسة ضغوط سياسية لردع ووقف أساليب الاحتلال في فرض أمر واقع والاستيلاء على أراضي وعقارات المواطنين في القدس.

وحضر المؤتمر الصحفي عدد كبير من أصحاب المنازل في حي الشيخ جراح ومنطقة كوبانية أم هارون.

ـ