همام أبو مور مشرف
عدد المساهمات : 16064 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 العمر : 44 الموقع : قطاع غزة / رÙØ
| موضوع: المصالحة باتت وشيكة فلنستعد لما بعدها .. م. عماد الفالوجي الجمعة 29 أكتوبر 2010, 2:55 am | |
| المصالحة باتت وشيكة فلنستعد لما بعدها .. م. عماد الفالوجي كل المؤشرات تؤكد أننا أصبحنا على بعد خطوة واحدة لإنجاز أولى خطوات المصالحة الفلسطينية الفلسطينية , من خلال الإتفاق على توقيع وثيقة المصالحة التى أعدتها مصر كحصيلة لجولات الحوار الفلسطيني التي سبقتها مترافقة مع التفاهمات الفلسطينية الداخلية بين حركتي فتح وحماس , والتوقيع على وثيقة المصالحة ليس الخطوة الأولى كما يقول البعض بل هي خطوة متقدمة جدا لأنها جاءت بعد مخاض عسير وطويل وصعب تم خلال هذا المخاض التطرق لكافة القضايا الأساسية والحساسة والمعقدة , ولم تترك جولات الحوار أي قضية مهما كانت صغيرة وتم وضع الأسس للتعامل مع أي إشكالية طارئة قد تحدث , ونستطيع الإدعاء اليوم أن الفصائل الفلسطينية أصبحت الآن – وبشكل غير مسبوق – أقرب الى صياغة البرنامج الوطني الذي سيشكل الأساس والأرضية الصلبة لمواجهة مستقبل القضية الفلسطينية , وهذا لا يعني انتهاء الخلاف بين الفصائل جميعا فهذه سذاجة كبيرة فقد تحدثنا فى مقال سابق بأن كل حركة ستحتفظ ببرنامجها ورؤيتها وأن حركة فتح ستبقى حركة فتح بما تمثله من برامج وأفكار ورؤية للدولة الفلسطينية وكذلك حركة حماس ستحتفظ أيضا برؤيتها وفلسفتها لمستقبل الدولة وكذلك باقي الفصائل ولكن سنبدأ مرحلة عنوانها ' الخلاف المعقول ' وهو خلاف الرؤى فى وضع الآليات والمشاريع وصياغة الحلول لكافة القضايا التي تمس عصب الحياة الفلسطينية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحقوق الإنسان وغيرها من القضايا التى تميز كل حزب عن غيره تماما مثلما هو واقع فى أغلب البلدان التى تحترم عقول أبناءها , وعندما تسيطر القناعة بشكل عملي وبعيدا عن التداول النظري فقط أن فلسطين تتسع وهي بحاجة أيضا لكل الأفكار والاجتهادات والإبداع الفكري حتى نتمكن من مواجهة كافة المخاطر التى تحيط بنا وحتى نبني مجتمعنا على أسس صحيحة وقوية وراسخة . كل ما سبق يجب أن يمثل عناوين المرحلة المقبلة , والمصالحة هي الدافع لنا لنبدأ صياغة ملامح هذه المرحلة المتقدمة من حياة شعبنا , وهي مرحلة نعني بها النظر نحو المستقبل بعيون شاخصة وإرادة فولاذية , وهذا ديدن الشعوب الحرة الحية الواعية والمدركة لأهدافها والمحيطة بكل ما يدور حولها , وليس مثل الشعوب البائدة التى لعنها التاريخ واندثرت تلك الشعوب التى لا تحسن سوى اجترار آلام الماضي وتقف عنده ولا تحسن سوى لغة البكاء على أطلال الماضي وسوى لعن وجلد الذات المتكرر فهذا لن يقدم شيئا ولن يعالج قضية واحدة , بل المطلوب من الشعب الفلسطيني اليوم هو الانتباه والحذر من ضياع الفرصة التاريخية التى أوصلتنا إليها جهود المصالحة , ولعل الأحداث التى مرت بها القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني كانت درسا كبيرا – بالرغم من قسوته – ولكن أحيانا قد يكون لابد منه من أجل الوصول الى القناعة والوعي المطلوب , ولعل التاريخ علمنا أن كل الشعوب التى وقعت تحت الاحتلال مرت بذات التجربة بل أكثر قسوة منها ولكنها فى نهاية المطاف عرفت كيف تخرج من تلك المرحلة بشكل أقوى وأصلب عودا , لأن الشعوب التى لا تتعلم من تجاربها وتجارب التاريخ هي شعوب لا تستحق الحياة , ومن هنا فالمرحلة القادمة من أصعب المراحل وأكثرها حساسية ودقة وهي بكل تأكيد أصعب من مرحلة الانقسام ذاتها لأنها مرحلة بداية التشافي والخروج من المستنقع الملوث فإذا نجحنا فى اجتياز هذه المرحلة – ما بعد المصالحة – نكون وضعنا أقدامنا بشكل قوي على بداية صياغة تاريخ جديد للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة . بدأ يتحدث البعض من المثقفين والمفكرين المخلصين لوطنهم وشعبهم عن صعوبة المرحلة القادمة – ما بعد المصالحة – وأخذ بعضهم يعدد السيناريو القديم الجديد حول صعوبة الوضع على الأرض بعد سنوات الانقسام ويتساءل الجميع كيف سيتم إعادة صياغة عمل الأجهزة الأمنية بعد أن جندت حكومة غزة الآلاف من المجندين داخل الأجهزة الأمنية وكيف سيعاد بناء الوزارات بعد دخول جيش من الموظفين المدنيين وهل ستعود الثقة بين طرفي الانقسام بعد كل الذي جرى من سفك الدماء والاعتقالات والاتهامات المتبادلة والحرب الإعلامية المشتعلة ؟ ولعل هذه التساؤلات يمكن قبولها من مفكر بعيد عن الشعب الفلسطيني , ولكن نحن الفلسطينيون نعرف تماما أن الخلاف بين الفصائل ليس وليد الانقسام الفلسطيني الأخير وعندما يكون القرار الصحيح من قياداتنا نحو تصحيح الأمور ستجد الإبداع الفلسطيني ظهر جليا فى إيجاد الحلول المبدعة لكل قضية مهما كانت شائكة , وعندما نرتقي فى التعامل والنظر الى بعضنا بصفتنا نشكل الكل الفلسطيني وأن كل فلسطيني هو أخ لأخيه , وعندما نزرع ثقافة الحب والتسامح والتعالي على الجراح وتقدير كفاءات بعضنا البعض , عندها نستطيع وضع الخطط السليمة البعيدة عن الحسابات الحزبية , عندها سيشعر كل فرد من مجتمعنا بدوره الكبير فى عملية تجاوز هذه المرحلة الأخطر فى تاريخ شعبنا , لأن تجربتنا ليست الأكبر فى تجارب الشعوب وتمكنت تلك الشعوب من تجاوزها ونجحت فى بناء دولها بشكل قوي , ويمكن الاستفادة من التجارب المحيطة والملاصقة لحدودنا وخاصة تلك التجارب الناجحة والتي جعلت من دولها أقوى دولة فى الشرق الأوسط . المرحلة المقبلة – ما بعد المصالحة – بحاجة الى جهود الجميع دون استثناء ولعل الخطأ الكبير الذي نحذر منه - من هذه اللحظة - هو تجاهل قدرات شعبنا كلها دون الاستهانة بأي منها ويجب أن يأخذ كل فرد دوره وهنا يجب أن نكون أكثر شجاعة فى مخاطبة قلوب وعقول كل من تضرر خلال الفترة السابقة بأن كل ما حدث لم يذهب سدى بل أن كل قطرة دم سالت أو ممارسة أساءت لكرامة أي شخص فلسطيني كانت ثمنا لإيصالنا لحالة من التوحد والوعي ورسم مستقبل أكثر قوة وتماسكا وهذا سيجعلنا أكثر قربا لتحقيق هدفنا فى الحرية والاستقلال , وليكن شعار المصالحة أولا هو المسح على آلام المعذبين والاعتذار لهم لأنهم كانوا وقود تلك المرحلة وهذا يدفعنا بأن نكون أكثر شجاعة فى مخاطبة شعبنا فى كافة أماكن تواجده لنعتذر له على ما أصابه خلال المرحلة الماضية , وإذا كانت خطواتنا صادقة لبناء المرحلة المقبلة فنحن على يقين أن شعبنا سيقبل الاعتذار كما عودنا على مدار تاريخه السابق لأنه دائما ينظر الى الأمام الى المستقبل وليس أسبرا للماضي مهما كان مؤلما , وهنا يأتي أيضا دور المفكرين والمثقفين والكتاب وعلماء الدين ورجال الإصلاح ومراكز المجتمع المدني بكافة تخصصاتها , ولابد أيضا من التركيز على فئة الشباب من طلاب وطالبات الجامعات الفلسطينية وأبناء التنظيمات جميعا , يجب أن ننشر ثقافة أن المرحلة القادمة مسئولية الجميع لن يرحم التاريخ كل من سيتجاهل دوره فى معركة البناء القادمة . | |
|