منذ لحظة خروجي من المنزل متجهاً إلى عملي قابلني أكثر من ثلاثة أشخاص, سألني الأول سؤالاً غريباً, وقال "متى سيأتي شباب الفيسبوك إلى فلسطين؟!, سمعت أنهم سيأتوا في ذكرى يوم النكبة بعد عدة أيام أهذا صحيح؟", ففهمت حينها أنه يقصد الحراك الشعبي العربي تجاه فلسطين في الخامس عشر من الشهر الجاري.
وبعد قليل قابلني الشخص الثاني فقال لي "ما هي آخر الأخبار في الثورة العربية تجاه فلسطين؟", أما الثالث فقال لي "ما هي تحضيراتك ليوم النكبة, سمعت أنه سيكون يوم غير عادي, وسنشهد فيه صحوة عربية نحو القضية الفلسطينية, أتمنى أن ينجحوا في أهدافهم فهناك الملايين ممن يحلموا بيوم عودتهم إلى أرضهم وقراهم وأشجارهم ونخيلهم وزيتونهم".
تملكني شعور بالغرابة من هذا الاهتمام الكبير في الوسط الفلسطيني للتحرك العربي المرتقب, ولكن هذا الشعور تبدد سريعاً بعد أن تذكرت المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في أماكن تواجدهم كافة, سواء في الوطن الجريح, أو في مخيمات اللجوء والتشريد, أو في الشتات المؤلم, فقررت حينها التحدث إلى بعض الأشخاص حول هذا الموضوع.
وفي مقابلة مع المواطن خميس على قال: "وسط الغليان الذي تشهده الدول العربية، سيتجه الحراك الشبابي العربي هذه المرة إلى فلسطين. تحت شعار «مسيرة العودة إلى فلسطين» حيث انطلقت دعوات على «فيسبوك» للزحف نحو الحدود الفلسطينية في دول الطوق، والتجمّع في الساحات الكبرى في الدول العربية والأوروبية وأميركا, وسيتزامن هذا التحرك الذي سيقام في 15 أيار "مايو" المقبل، مع ذكرى النكبة".
وأكد على وهو عضو نشط في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" على أن مستخدمو هذا الموقع في دول كثيرة أكدوا مشاركتهم في التحرك الذي انطلقت الاستعدادات الميدانية واللوجستية لإنجاحه في كل دولة، وفق الإمكانات المتاحة, مبيناً أن الجميع اتفق على أن تكون المسيرات سلمية، ترفع أهدافاً واضحة وهي "حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم، وتحرير فلسطين من البحر إلى النهر".
من ناحيته تحدث المتابع للصفحات المنتشرة على "فيسبوك" أحمد الكرد عن البلدان المشاركة, وهي "فلسطين، لبنان، سوريا، مصر، الأردن، تونس، السعودية، الكويت، قطر، الجزائر، كندا، الولايات المتحدة ودول أوروبية", وقال "الصفحات الافتراضية متشابهة, لكن الوضع الميداني يختلف بين بلد وآخر".
وحسب وسائل إعلامية فان هناك صفحة «أنا مصري مع الانتفاضة» داخل مصر تعنى بنشر الأخبار يومياً عن الحراك المصري لإنجاح المسيرة، إضافة إلى عرض أفلام عبر "فيسبوك" و"يوتيوب", لشباب مصريين يتحدثون عن فلسطين وضرورة تحريرها, ورغم الضغوط التي تعرضوا لها, سينطلق المصريون إلى معبر رفح للمطالبة بأمور تتعلق بمصر حصراً، منها "فتح معبر رفح نهائياً، طرد السفير الإسرائيلي والسماح بإدخال شاحنات من الأغذية والمساعدات إلى غزة".
أما تونسياً فيتوقع أن تشهد العاصمة زحفاً شبه مليوني, حيث ينشط التونسيون ميدانياً وعلى الإنترنت لتأمين أكبر حشد جماهيري ممكن, كما قال أحد المنظّمين في تصريحات صحفية, أما أردنياً، فلم يحصل المعنيّون على ترخيص بعد، لكنهم يقولون إنّهم سيشدّون رحالهم نحو الحدود مع فلسطين.
بينما في دول الخليج، فتشير التعليقات المكتوبة في الصفحات المخصصة في هذه الدول إلى أنّ الشباب يرون هذه المناسبة فرصة للتعبير عن اهتمام شعوب الخليج بالقضية الأم, كذلك يؤكد الناشطون أنّ الاستعدادات تجري على قدم وساق في فانكوفر الكندية ونيويورك، وأكثر من عاصمة أوروبية. وفي إسرائيل، يسود ترقّب حذر, ويعزّز ذلك تسجيل مصوّر يعرضه الناشطون على أكثر من صفحة يظهر حاخاماً إسرائيلياً يعرب عن خوفه من الزحف نحو فلسطين، يقول بالعبرية "أنني حذّرتكم دوماً من هذا الأمر, المشنقة تلتفّ حولنا أكثر فأكثر".
وفلسطينياً دعا التجمع الفلسطيني لحق العودة كل أبناء الشعب الفلسطيني بكافة أجياله وأماكن تواجده للمشاركة في ثورة اللاجئين ومسيرات العودة التي ستنطلق في ذكرى يوم النكبة يوم الأحد الموافق 15/5, من كل المخيمات الفلسطينية وأماكن اللجوء, إلى مناطق قريبة من الأرض الفلسطينية المحتلة, وأمام سفارات الاحتلال الاسرائيلي أو مكاتب ومقرات الأمم المتحدة في الدول البعيدة.
وأكد التجمع على أن المسيرات ستضم كافة شرائح وقطاعات الشعب الفلسطيني وأحرار العالم المؤيدين لحقوقه, وأن الهدف الأساس هو إنجاح هذه الفكرة عبر كل الجهود الرسمية والشعبية من أجل تعزيز الوعي السياسي والقانوني في أوساط اللاجئين الفلسطينيين, بضرورة عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم, وتوعيتهم بالظلم التاريخي الذي وقع بهم.
وبين التجمع أن الخامس عشر من مايو للعام الجاري لن يكون سوى البداية في تحرك طويل الأمد, لن ينتهي إلا بتحقيق الحلم التاريخي المشروع بالعودة وتقرير المصير, داعياً الحكومات العربية والعالمية والمنظمات الدولية المعنية لحماية مسيرات العودة السلمية, وتحمل المسئولية الأخلاقية والقانونية تجاه حق الشعب الفلسطيني في المطالبة بحق العودة.
وأخيراً نقول إن الشعب الفلسطيني شعب حي مؤمن بعدالة قضيته, متشبث بحقوقه, محافظاً على هويته الفلسطينية العربية الإسلامية رغم كل محاولات السلخ عن هذه الهوية, فلا التهجير ولا القتل ولا السجن ولا مخيمات اللجوء, حرفت بوصلته عن فلسطين, ففلسطين باقية في عيون كل الفلسطينيين, متجسدة في مفاتيح البيوت التي ورثها الأجداد والآباء للأبناء, ليتواصل حق العودة الذي لا يسقط بالتقادم".