مسؤول في البنتاغون: لا نعـرف إذا اسـتهدفنـا القـذافي

عشية إطلاق المعركة على طرابلس في آب الماضي كان مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان يقول من بنغازي إن أيام نظام العقيد الليبي معمر القذافي معدودة. وعشية مقتل القذافي كانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في طرابلس تأمل بأسره أو قتله قريباً. قد تكون صدفة لكنها مؤشر أن أي عملية نوعية بهذا المستوى لا تحصل من دون غطاء أميركي.
الحوار الرئيسي في واشنطن هو إذا ما كان مقتل القذافي يعني إثباتاً لصحة سياسة الرئيس باراك أوباما في ما يسمى «القيادة من الخلف»، أي ترك الحلفاء يخوضون المعركة في مواقع متقدمة. أوباما تحدث عن «قدرات فريدة» لدى الولايات المتحدة وضعتها بتصرف حلف شمال الأطلسي، أي الطائرات من دون طيار أو السلاح المفضل والفعال الذي حقق ابرز إنجازات ولاية أوباما الأولى. في باكستان شاركت هذه الطائرات في ملاحقة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وفي اليمن أحد ابرز قيادات التنظيم أنور العولقي والآن القذافي. قد تكون لهذه الأهداف أبعاد مرتبطة بالحرب على الإرهاب أو الربيع العربي، لكن لها أيضاً عوامل داخلية أميركية، وهي الانتقام لمقتل أميركيين من تفجير طائرة «بان ام» إلى هجمات 11 أيلول.
مسؤول في البنتاغون يؤكد لـ«السفير» انه كان هناك ضربة جوية أميركية وضربة لحلف شمال الأطلسي على قافلة في منطقة سرت، حيث كان القذافي قبل مقتله، لكن يتابع المصدر «ليس لدينا تقييم للأضرار في هذه المعركة ولا نعرف ما إذا كان القذافي في القافلة».
والخارجية الأميركية لا تزال تنتظر تقريراً من المجلس الوطني الانتقالي حول ما حصل عند القبض على القذافي. ويقول المسؤول في البنتاغون «مع وفاة القذافي يمكن للشعب الليبي الآن أن يمضي قدماً لبناء ديموقراطية تشجع حقوق الإنسـان والازدهار والأمـن لكل الليبيين. نعتقد انه من الأهمية بمكان أن يتحرك بسرعة المجلس الوطني الانتقالي لتعيين حكومة موقتة مخولة، وبدء الفترة الانتقـالية الرسـمية التي تؤدي إلى أول انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا. الولايات المتحدة مسـتعدة لمساعدة شـعب ليبيا خلال هذه العملية».
ورداً على سؤال حول مصير مهمة «الأطلسي» بعد مقتل القذافي، يقول المصدر الحكومي «من الواضح أن هناك نهاية في الأفق، لقد فعلنا الشيء الصحيح بالطريقة الصحيحة».
الخط الأحمر الذي رسمه البنتاغون منذ بدء مهمة «الأطلسي» قبل سبعة أشهر لم يتغير، وهو لا جندي أميركياً على الأرض، في معركة انتهت بتكلفة بلغت حوالي ملياري دولار. كان متوقعاً أن يكون سقوط طرابلس آخر معارك «الأطلسي» في ليبيا، لكن ارتباك الثوار وعدم قدرتهم على حسم المعركة وبعد ضغوط فرنسية وبريطانية، كان الغطاء لعملية القضاء على القذافي كي لا تنزلق ليبيا إلى عراق جديد. كلينتون تفاجأت وهي تشاهد صور مقتل القذافي على الهاتف المحمول لأحد مساعديها خلال مقابلة تلفزيونية، مشيرة إلى انه لا يمكن تأكيد هذا الأمر، في تلميح إلى أنباء سابقة عن اعتقال القذافي لم تثبت صحتها. وعندما سألها المراسل إذا كانت زيارتها تتعلق بهذه العملية، ردت «لا»، قبل أن تضيف «أنا متأكدة كان لها علاقة».
القذافي لديه جزء كبير من الذاكرة الأميركية حول التفجيرات، لا سيما في ثمانينيات القرن الماضي. كان يسميه الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغن بـ«كلب الشرق الأوسط المجنون»، وإدارة الرئيس جورج بوش أخرجته من العزلة الدولية بعدما تخلى عن أسلحة الدمار الشـامل التي لديه. وطبعاً كان هناك ألبوم صور وزيرة الخارجية السابقة كوندليسا رايس في قصر القذافي الذي هجره على عجل، وهي تحدثت عن تجربتها معه بالأمس على موقع «دايلي بيست». وتقول إنه كان لدى القذافي «سحر غريب تجاهي شخصياً»، وأصرّ على أن يقابلها في خيمته وكان يصفها بـ«الأميرة الأفريقية» وقدم لها أغنية لملحن ليبي عنوانها «الزهرة السوداء في البيت الأبيض».
«نيويورك تايمز» نشرت تقريراً قالت فيه إن صور القذافي الدامية في الإعلام العربي «سرعان ما خففت من البهجة، وكانت تذكيراً بالنزاعات الكثيرة التي لا تزال من دون حل والتي أطلق العنان لها الربيع العربي».
عنوان افتتاحية «بلومبرغ» كان «القذافي لم يعد موجوداً، الكثير من القلق لقادة ليبيا الجدد». وتحدثت «واشنطن بوست» في تقرير لها عن القطاع النفطي الليبي بأن سقوط نظام القذافي ومقتله لم يؤثرا على طبيعة الشركات الأجنبية التي تنتج النفط الليبي، سوى دخول قطر كلاعب جديد بعد المساعدات العسكرية التي وفرتها والتي تتوقع أن «يكون لها مكافأة». ويرى رئيس «مجلس العلاقات الخارجية» ريتشارد هاس انه من المبكر الحكم ما إذا كان مقتل القذافي سيكون لمصلحة أوباما، داعياً إلى التمهل والانتظار لرؤية كيف ستكون ليبيا بعد سنوات من اليوم.