خريشي: شعبنا يتعرض لأبشع أنواع الانتهاكات لحقوقه الأساسية

قال الدكتور ابراهيم خريشي وكيل وزارة الشؤون الخارجية في كلمة فلسطين التي ألقاها في الدورة الـ37 لمجلس وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في دوشنبه بجمهورية طاجيكيستان، تحت عنوان 'رؤية مشتركة لمزيد من الأمن والازدهار للعالم الإسلامي'، إنه بعد 62 عاما على النكبة ولا يزال يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع أنواع الانتهاكات لحقوقه الأساسية غير القابلة للتصرف.

وأضاف: 'أننا ونحن نجتمع اليوم، فان الشعب الفلسطيني لا يزال يقبع تحت الاحتلال منذ ما يزيد على 62 عاما وقد مضى عدة أيام فقط على ذكرى نكبته، ولا يزال يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع أنواع الانتهاكات لحقوقه الأساسية غير القابلة للتصرف وللممارسات الممنهجة والمنظمة من قبل القوة القائمة بالاحتلال التي تنتهك كافة الأعراف والمواثيق الدولية، كما لا تزال تتعرض مدينة القدس الشريف عاصمة فلسطين الأبدية، لأبشع حملات التهويد والتدمير والتغيير، ولا يزال أهلنا في قطاع غزة المحتل يخضعون لسياسة العقاب الجماعي والحصار الذي يضاعف من معاناتهم على مختلف المستويات وخاصة الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار إلى ما تقوم به إسرائيل في مدينة القدس الشريف، من مصادرة للأرض، وتدمير للمنازل والممتلكات الخاصة والعامة، وطرد وتهجير للسكان الفلسطينيين الأصليين منها، وتغيير لمعالمها العربية الإسلامية، وطمس لهويتها الدينية والتاريخية، كما تستمر القوة القائمة بالاحتلال في فرض القيود على حرية الحركة للمصلين ورجال الدين ومنعهم من الوصول إلى أماكن عبادتهم، إضافة إلى استمرارها في أعمال التنقيب والحفريات أسفل المسجد الأقصى ومعالم دينية هامة في البلدة القديمة، كما أن استمرار إسرائيل في بناء جدار الفصل العنصري قد فصل مدينة القدس عن محيطها وحال دون ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشار إليها في العهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مما ترتب على ذلك تداعيات خطيرة يصعب حصرها.

وتابع: أن استمرار القوة القائمة بالاحتلال في سياسة التوسع الاستيطاني بما فيها ما يسمى بالنمو الطبيعي للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة وخاصة في مدينة القدس وما حولها وآخرها إعلانهم عن بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة وتدمير للممتلكات الفلسطينية في القدس الشرقية، يعتبر خرقا سافرا للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية ذات الصلة وخاصة الفتوى القانونية الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي طالبت القوة القائمة بالاحتلال بوقف بناء الجدار وهدم ما تم بناؤه منه وتعويض المتضررين عنه، كما أن استمرار البناء في المستوطنات يتنافى ومواقف المجتمع الدولي الذي يعتبر المستوطنات بغير القانونية والتي من شأنها أن تهدد قيام الدولة الفلسطينية، والمطلوب العمل وبشكل فوري على وقف بنائها، علاوة على ذلك فان المجتمع الدولي يقر ويعترف بمكانة مدينة القدس التي تتمتع بوضع خاص أكدت عليه العديد من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة منذ العام 1947 كما ان المنظومة الدولية لا تعترف بأية إجراءات مفروضة عليها او بأي ضم لها.

وأكد أن استمرار إسرائيل في فرض حصار جائر على قطاع غزة المحتل هذا الجزء الذي لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، يهدد حياة أهلنا هناك ويزيد من معاناتهم وتعقيد أمورهم الحياتية، فالعقاب الجماعي يعتبر من منظور القانون الدولي جريمة حرب يجب محاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة الدولية، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الهمجي الأخير الذي أدى إلى قتل وجرح الآلاف، وسبب إعاقات دائمة لعدد كبير منهم، وذلك بشهادة كافة بعثات تقصي الحقائق واللجان المستقلة والدولية التي زارت قطاع غزة المحتل واطلعت على نتائج العدوان الكارثية فيه.

وأشار إلى آخر القرارات التعسفية والعنصرية التي تعبر عن نوايا حكومة إسرائيل التوسعية، من خلال إصدارها للقرار العسكري رقم 1650 القاضي بترحيل وتهجير المواطنين الفلسطينيين عن ديارهم، إضافة إلى قيام المستوطنين الإسرائيليين على مرأى ومسمع من الحكومة الإسرائيلية بإعداد فيلم قصير مدته لا تتجاوز 44 ثانية يصور قيام الطائرات والصواريخ الإسرائيلية بتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة وبناء الهيكل اليهودي المزعوم على انقاضهما، وكذلك اعلان سلطات الاحتلال قبل فترة وجيزة عن ضم مسجد بلال بن رباح في بيت لحم والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، إضافة إلى أسوار البلدة القديمة في القدس الشريف وهي جميعها واقعة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 إلى قائمة تراثها الاحتلالي في انتهاك فاضح آخر للقانون الدولي والأعراف والمعاهدات الدولية ذات الصلة، ما هي جميعها الا دليل قاطع آخر على إرهابها ورغبتها في الاستمرار بكونها قوة احتلال خارجة عن إطار الشرعية الدولية والقانون الدولي.

وأضاف أن إسرائيل ما زالت تمارس كافة أشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان في مدن وقرى الضفة الغربية، وذلك من خلال التوغلات العسكرية والاعتقالات الجائرة للمواطنين الفلسطينيين والقتل المتعمد للمدنيين، حيث يزيد عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال حاليا عن تسعة آلاف بمن فيهم الموقوفون الإداريون والعشرات من الإحداث والقاصرين والنساء ونواب المجلس التشريعي والقيادات السياسية، كما ان المئات من نقاط التفتيش العسكرية بين المدن والقرى الفلسطينية تحول دون تنقل الأشخاص والبضائع بحرية، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني ويزيد من معاناته اليومية ويقوض جهوده الرامية إلى بناء اقتصاده وتنمية مؤسساته باتجاه الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة.

وبين أن تمسك شعبنا بمبادئ الشرعية الدولية وبحقوقه غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه الأساسي في الحياة، وحقه في تقرير مصيره، وإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف فوق تراب أرضه، وعودة لاجئيه إلى وطنهم الأم فلسطين دون قيد أو شرط، إلى جانب تشبثه بحقوقه المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية وكذلك بحقه في الأمن والتنمية والاستقرار والازدهار وضمان مستقبل ابنائه أسوة بباقي شعوب العالم، تعتبر جميعها حقوقا مشروعة كفلتها كافة الأعراف والمواثيق الدولية وتتطلب تضافر كافة الجهود من اجل العمل على احترامها وضمان تعزيزها وتمتع الشعب الفلسطيني بها بشكل كامل غير مشروط بعيد عن الانتقائية والازدواجية في المعايير.

وقال: 'من هذا المنطلق فان القيادة الفلسطينية تعمل على مدار الساعة من اجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأرض الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران للعام 1967 وترسيخ وحدة الصف الفلسطيني واتخاذ الخطوات العملية لبناء وتشييد أسس ومقومات مؤسسات الدولة الفلسطينية القادمة بدعم من الدول الشقيقة والصديقة وخاصة الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي'.

وتابع: أن القيادة الفلسطينية تعمل في نفس الوقت على نهج درب القانون الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، للتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وصولا إلى تحقيق أمانيه وتطلعاته المشروعة، مؤكدا على الدور الأساسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي وأعضائها في تمكيننا من الوصول إلى هذه الأهداف وعبر التأكيد كذلك على المسؤوليات الفردية والجماعية لدول المجتمع الدولي في احترام وضمان احترام مبادئ الشرعة الدولية والمساهمة في وقوف هذه الدول والهيئات الدولية عند واجباتها والتزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني المحتل.

وأكد الاستعداد للمشاركة في كل ما يخدم تحقيق المصالح المشتركة، كما عبر عن تقديره لكافة الجهود المبذولة وعلى مختلف المستويات باتجاه دعم الشعب الفلسطيني وقيادته آملا ان يتجسد قيام الدولة الفلسطينية على كافة الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بالتماشي مع قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تشكل أساس الحل.

وأشاد بدور المملكة المغربية في دعم صمود القدس ودور جمهورية مصر العربية في تحقيق المصالحة الفلسطينية وثمن عاليا موقف الإمارات العربية المتحدة في تعاملها مع قضية الجزر الثلاث المحتلة من أراضيها، وقال: 'نتطلع الى مواصلة دعم منظمة المؤتمر الإسلامي والدول الاعضاء لكافة الجهود الرامية الى دعم مسيرة السلام وإنهاء الاحتلال للأرض الفلسطينية المحتلة وبباقي الأرض العربية المحتلة الأخرى، لما يحمله هذا من انعكاسات ايجابية ومصيرية على أمن واستقرار المنطقة ككل.