أساتذة بالقانون الدولي: موقف مصر قانوني وقوي تجاه قضية حوض النيل

أكد مجموعة من أساتذة القانون الدولي أن موقف مصر القانوني فيما يتعلق بأزمة حوض النيل صحيح مائة بالمائة ولا يمكن التشكيك بأي حال من الأحوال في أحقيتها في رفض الإجراءات التي اتخذتها دول المنبع قي الفترة الأخيرة، مطالبين بإنشاء وزارة للشئون الأفريقية تهدف إلى توثيق العلاقات مع الدول الأفريقية وتضع المصالح المشتركة علي راس الاولويات .

جاء ذلك خلال ندوة "قضية مياه النيل الأبعاد القانونية والسياسية " التي نظمتها الجمعية المصرية للقانون الدولي بالتعاون مع منتدى القانون الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة مساء أمس الاثنين، والتي شهدت حضورا مكثفا لأساتذة وخبراء القانون الدولي .

وطالب الخبراء رجال الأعمال المصريين بتولية وجوههم شطر القارة الأفريقية بحيث تكون علي قمة اولوياتها والتعاون في مجالات مشتركة معهم، منتقدين التلويح باستخدام القوة في الرد علي دول المنبع الأفريقية أو الأحاديث عن إمكانية قيام حروب بين الدول مصر وهذه الدول علي خلفية أزمة المياه.

بداية أكد الدكتور أحمد الرشيدى أستاذ القانون الدولي ووكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن الصراع علي المياه في الفترة القادمة سيكون اشد من الصراع علي النفط الذي بدأ في القرن الماضي ، مشيرا إلي انه من المسلم به أن قضايا المياه أهم القضايا وتأتي علي راس الاولويات في الفترة الحالية .

وقال الرشيدي إن الإطار القانوني لموقف مصر محسوم ولا نقاش فيه ، ففي قانون الأنهار الدولية وطبقا للاتفاقيات الموقعة لا يحق لدول المنبع أن تتخذ إجراءات من شانها أن تضر دول المجري ودول المصب دون الرجوع لها وإخطارها والتشاور معها وهو ما لم بحدث في قضية حوض النيل .

وأضاف إن القانون وحده لا يكفى لحل أزمة حوض النيل بل لابد من أن يكون المدخل الأساسي لحلها هو مدخل التعاون المشترك بين كافة دول حوض النيل وكذلك ضرورة التكاتفي بين جميع الجهات في مصر لحل المشكلة بين كل من الرئاسة ووزارة الري ووزارة الخارجية ورجال الأعمال بحيث يتم إدارة الملف بشكل متكامل يخدم علي بعضه .

ونادي أستاذ القانون الدولي بإنشاء وزارة للشئون الأفريقية تكون مهمتها الأساسية بحث سبل التعاون بين الدول المشتركة في حوض النيل بحيث تكون بديل لتدخل الدول الاخري لإفساد العلاقات بينها ، مؤكدا أن مياه النيل شكلت ركنا أساسيا في تشكيل سياسة مصر الخارجية بدءا من الملكة حتشبسوت ومحمد علي وما بعد ثورة 1925 ، متسائلا لماذا لا نضعها الآن علي راس الاولويات في تشكيل علاقتنا بالدول الاخري.

ورفض الرشيدي أي حلول فردية للازمة سواء جاءت من قبل دولة واحدة أو مجموعة دول ، مطالبا بإدارة الأزمة بعيدا عن الانتماءات السياسية ، وضرورة وهي أعضاء البعثات الدبلوماسية للدول الأفريقية بأهميتها واعتبار ذلك مهمة قومية ، وكذلك ضرورة التحرك الشعبي وتكوين بعثات من أعضاء مجلسي الشعب والشورى لهذه الدول .

وأيده في الرأي الدكتور محمد شوقي مدير منتدى القانون الدولي مؤكدا أن الوضع القانوني لمصر قوي جدا والاتفاقيات الدولية بخصوص مياه النيل لم تكشف عن حق جديد ، مشيرا إلي أن نقاط الخلاف التي تتعلق بالاتفاقية الإطارية تتمثل في تأكيد مصر والسودان على الحقوق التاريخية لمياه النيل وهو ما لا تريده دول الحوض، إضافة إلي إغفال الإخطار المسبق لدول المجري والمصب قبل اتخاذ أي اجراءات تعمل علي الضرر بها ، إضافة إلي نمط التصويت، فشركاء النهر وهم دول حوض النيل قالوا إن يكون التصويت بالأغلبية البسيطة لكن مصر أصرت على أن يكون التصويت إما بالتوافق العام إما بأغلبية موصوفة بها مصر والسودان.

وأشار إلي ضرورة أن تكون العلاقات القائمة بين دول حوض النيل علي أساس التعاون المنصف فدول المنابع لا تشكو نقص المياه ولكنها تحتاج الي مشروعات اقتصادية وهو ما يمكن تحقيقه من خلال إيجاد إطار ملائم لذلك بيم كافة الدول المشتركة في حوض النيل.

من جانبه ، أشار الدكتور حاتم عتلى أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة عين شمس إلي أن مصر لن تتخلي عن حقوقها والتزاماتها باعتبارها دول من دول حوض النيل ، موضحا أن أولي اولوياتها الاستراتيجية هو "الأمن المائي" وبالتالي ستظل تكالب بحقها .

وطالب عتلي بتكثيف التواجد السياسي في هذه الدول ، مشيرا إلي أن ملف المياه يعتبر ملف سياسي قانوني اقتصادي وان علي مصر وضع هذه الدول في قمة اولوياتها .

ووضع أستاذ القانون ترتيب لاولويات مصر في سياستها الخارجية علي النحو التالي أولا دول حوض النيل ثم دول المشرق العربي ثم الاتحاد الأوروبي وأخيرا الولايات المتحدة الأمريكية .

من جانبه ، استبعد الدكتور عابدين قنديل أستاذ القانون الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية قيام دول حوض النيل برفع دعوى ضد مصر أمام التحكيم الدولي ، مشيرا إلي أن الاختصاص في الدعاوى المرفوعة لدى المحكمة يكون غير ملزم بل بموافقة البلدين ومفاوضاتهما وموافقتهما للجوء إلى محكمة العدل الدولية، وأن إلزام الاختصاص على مصر يوجد في حالة واحدة فقط هو البند المتعلق بقناة السويس والذي قامت مصر بالتوقيع عليه علم 1957 أي هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن تقوم إحدى الدول برفع دعوى لدى محكمة العدل الدولية على مصر دون اشتراط موافقتها.

واستنكر قنديل الحديث عن إمكانية دخول مصر حرب مع دول حوض النيل بسبب المياه قائلا إن ذلك له رد فعل سلبي علي هذه الدول لأنه يذكرها بعصور الاستعمار ، مطالبا وسائل الأعلام بالكف عن ذلك ومحاولة وضع حلول بعيدا عن أي عنف.

بدورها تناولت الدكتورة إجلال رأفت مدير مركز الدراسات والبحوث الأفريقية بجامعة القاهرة مسالة تأثير انفصال الجنوب السوداني عن شماله وخطورة ذلك علي مصر ، مشيرة إلي ضرورة أن يكون لمصر دور أكثر ايجابية في السودان والكف عن الإساءة لهم .

وأوضحت أن مصر تحاول بشتى الطرق البعد عن علاقتها الأفريقية وكأنها من خارج القارة بل وتتنصل منها في بعض الأوقات وهو ما يعقد الأمر أكثر في الأزمة الحالية ، مطالبة بالانفتاح أكثر علي القارة الأفريقية من خلال التعاون الاقتصادي والنشاط الدبلوماسي.

وأكد الدكتور السيد فليفل العميد السابق لمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة أن هناك ضغوطا أمريكية وصهيونية علي دول المنبع من اجل الضغط علي مصر أكثر ، مشيرا إلي أن دول المنبع لا يمكنها أن تحجز المياه لديها لأن أراضيها تقع بنسبة 100% في حوض النهر بينها مصر يقع فقط 20% من أراضها في حوض النهر.

وأضاف فليفل أن هناك 33 مشروعا منذ الخمسينيات كانت تريد أمريكا تنفيذها في دول الحوض ولكن لم تتحرك إلى الآن وتتحين بشتي الطرق الفرصة لذرع الخلاف بين دول الحوض .

وأعاد فليفل التأكيد علي دور رجال الأعمال في المشاركة في حل هذه الأزمة من خلال توجيه جزء من استثماراتهم إلي هذه الدول ، لان ما تريده هذه الدول هو زيادة دخلها من خلال مشروعات تدر عائدا .