فياض: الارتقاء بواقع الشباب وتعزيز مشاركتهم في الحياة المدنية والسياسية يحتل الأولويةً في عملنا

أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن مهمة الارتقاء بواقع الشباب وتعزيز مشاركتهم في الحياة المدنية والسياسية تحتل أولويةً في عمل السلطة الوطنية، وأشار إلى أن السلطة الوطنية أولت خلال الأعوام الماضية اهتماماً كبيراً بقطاع الشباب، وهيأت له سبل النهوض والتقدم في إطار خطتها التي استهدفت الارتقاء بالخدمات التعليمية والصحية والثقافية والرياضية والترفيهية، وعملت على تحسين التشريعات والأطر القانونية الناظمة للعمل الشبابي.

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها رئيس الوزراء لدى افتتاحه مؤتمر الشباب الفلسطيني الثاني، والذي يأتي تتويجاً لمؤتمرات عُقدت في القدس وقطاع غزة ولبنان وحيفا، وغيرها من المناطق، وفي وقت شهدت فيه بلادنا أنشطة وفعاليات متنوعة ومتميزة، أبرزت الطاقة الإبداعية الهائلة الكامنة لدى الشباب، كما أبرزت جاهزيتهم للمشاركة والإسهام الفاعل في بناء مستقبل أفضل لشعبنا.

وأكد رئيس الوزراء خلال كلمته على مسؤولية الحكومة الأساسية لاحتضان ورعاية جميع الأنشطة الشبابية ومبادراتهم وإبداعاتهم، والعمل على تلبية احتياجات ومتطلبات عمل مؤسساتهم بتوفير كل ما من شأنه تشجيع مثل هذه البرامج وتمكين المؤسسات الشبابية من تعزيز دورها وتنظيم انخراط الشباب في بناء مستقبل فلسطين، وخاصة في ضوء تحولاتٍ وتغيراتٍ كبرى طرأت على صعيد احتياجات وتطلعات وطموح الشباب في منطقتنا، بمن فيهم شباب فلسطين، والذين برزت إرادتهم اللامحدودة لمشاركة شباب العالم في تطلعاتهم نحو الحرية والكرامة والديمقراطية والمشاركة السياسية، وكذلك للنهوض بدورهم للخلاص من نير الاحتلال وممارساته القمعية التي تستهدف في مجملها إعاقة وتعطيل التنمية في بلادنا، والاستمرار في السيطرة على مواردنا وإعاقة تنفيذ المشاريع التنموية في أكثر من 60% من أرضنا المحتلة، هذا بالإضافة إلى الحصار وفرض نظام التحكم والسيطرة، وما يولده ذلك من فقر واستمرار في ارتفاع معدلات البطالة التي يعاني منها شبابنا. وأكد فياض على أن هذا الواقع شكل سبباً إضافياً لمضاعفة الجهود المبذولة في التصدي لهذه القضايا والاستجابة لاحتياجات الشباب ومطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا بل، والسياسية أيضاً.

وأوضح رئيس الوزراء على أنه رغم التهميش والحرمان الذي عانت منه فئات واسعة من الشباب على مدار سنوات طويلة، فقد ساهموا، وبقوة، في حماية وصون الهوية الوطنية وبلورتها، وكان لهم دور ريادي في مسيرة شعبنا النضالية لنيل حريته واستقلاله. كما كان لهم فضل كبير وإسهام ملموس في الحفاظ على الموروث الثقافي وتكريس مفاهيم العمل التطوعي والتضامن الاجتماعي التي ساهمت جميعها في حماية النسيج الاجتماعي، وفي توفير مقومات الصمود لشعبنا. وقال 'هذا الدور، من الممكن، بل من الواجب، أن يتعاظم في المرحلة الراهنة وفي المستقبل، سيما وأن شعبنا ما زال في غمار كفاحه المتواصل من أجل التحرر الوطني والبناء الديمقراطي'.

واعتبر رئيس الوزراء أن النهوض الشامل بواقع الشباب وفتح أفاق المستقبل أمامهم، يستدعي بذل أقصى الطاقات والمضي قدماً نحو إنهاء الانقسام وواقع الانفصال، باعتبار ذلك شرطاً لا يمكن بدونه النجاح في تحقيق أهداف مشروعنا الوطني، وفي مقدمتها الخلاص التام من الاحتلال، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.

وأكد فياض خلال الكلمة على أن شبابنا الفلسطيني أثبتوا أنهم قادرون على تحمل مسؤولية النهوض بالحركة الشبابية، والإسهام في إعادة نهوض الحركة الوطنية لاستكمال مشروع التحرر والاستقلال الوطني، والمشاركة الفاعلة في عملية ترسيخ ركائز ومقومات دولة فلسطين، ونظامها السياسي والاجتماعي على أساس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. كما أكد التزام السلطة الوطنية بتمكين المؤسسات الشبابية المختلفة، ومساعدتها على القيام بواجباتها في تقديم الخدمات اللازمة لتنمية الشباب.

ودعا فياض المؤتمر للعمل على تقديم تصور عملي ومدروس، ليشكل أساساً للتحرك والسير بخطوات ثابتة تجاه قضايا الشباب، بالإضافة إلى بلورة توصيات واضحة ومحددة وقابلة للتنفيذ تستهدف التدخل على كافة المستويات لتعزيز الريادية في أوساط الشباب. وأكد التزام الحكومة بالعمل مع الشباب لتحويل أعمال ونتائج وتوصيات المؤتمر إلى واقع ملموس يحقق تطلعاتهم. وقال 'أنتم مدعوون أيضاً للمبادرة، والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والعامة، وعلى مستوى المجتمع المحلي'. وأضاف 'هنا، فإنني أعتقد بصوابية وعدالة مطالبكم لتعديل القانون الانتخابي بما يخص تخفيض السن القانوني للمرشحين، وذلك لضمان توسيع قاعدة المشاركة الشبابية في الحياة السياسية'.

وفيما يلي نص الكلمة:

يسعدني ويشرفني أن أكون معكم اليوم لافتتاح مؤتمر الشباب الفلسطيني الثاني، والذي يأتي تتويجاً لمؤتمرات عُقدت في القدس وقطاع غزة ولبنان وحيفا، وفي وقت شهدت فيه الأيام والأسابيع الماضية أنشطة وفعاليات متنوعة ومتميزة، أبرزت الطاقة الإبداعية الهائلة الكامنة لدى الشباب، كما أبرزت جاهزيتهم للمشاركة والإسهام الفاعل في بناء مستقبل أفضل لشعبنا. وأظهرت في نفس الوقت مبادرة نشطة وخلاقة من قبل المؤسسات الشبابية وقدرتها على احتضان وتشجيع الإبداع والتميز والابتكار، بالإضافة إلى مسؤولياتها المجتمعية في تعزيز أشكال التضامن الاجتماعي، والإسهام في حماية النسيج الوطني للمجتمع.

واسمحوا لي في هذه المناسبة، أن أنقل إليكم تحيات الأخ الرئيس 'أبو مازن'، ومباركته لكم على جهودكم في تطوير واقع الشباب، وتعزيز دورهم ومساهمتهم للنهوض بالمجتمع، والمشاركة في بناء دولة المؤسسات، واسمحوا لي أيضاً أن أحيي كافة المؤسسات والأطر الشبابية، وخاصة في القدس المحتلة وقطاع غزة ومخيمات الشتات، على الدور الهام الذي تقوم به في للارتقاء بواقع الشباب وتمكينهم من المساهمة في تقدم المجتمع وازدهاره.

إن مهمة الارتقاء بواقع الشباب وتعزيز مشاركتهم في الحياة المدنية والسياسية تحتل أولويةً في عملنا، سيما أن ثلاثةً من كل عشر أفراد في مجتمعنا هم من الشباب، حيث تُشير إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن نسبة الشباب بين سن (15-29 سنة) بلغت حوالي 30% من إجمالي السكان، وهذا الأمر بحد ذاته يُشكل سبباً جوهرياً لمضاعفة الاهتمام المطلوب بواقع الشباب وقضاياهم.

لقد أولت مؤسسات السلطة الوطنية، خلال الأعوام الماضية اهتماماً كبيراً بهذا القطاع، وهيأت له سبل النهوض والتقدم في إطار خطتها التي استهدفت الارتقاء بالخدمات التعليمية والصحية والثقافية والرياضية والترفيهية، وعملت على تحسين التشريعات والأطر القانونية الناظمة للعمل الشبابي. كما عملت، ومن خلال مشاريع التنمية ودعم الصمود في المناطق المُهمشة والمُهددة من الجدار والاستيطان، على الاستجابة لاحتياجات الشباب في هذه المناطق، وركزّت بصورةٍ لافتة على النهوض بالبنية التحتية للشباب والرياضة وسجلت انجازاتٍ ملموسة على هذا الصعيد، سواءً من حيث إنشاء الملاعب الرياضية والصالات متعددة الأغراض، والمسابح الأولمبية، بالإضافة إلى بناء وتطوير العديد من المراكز المجتمعية والشبابية والنوادي الرياضية.

وكما تعلمون، لقد طرأت تحولاتٌ وتغيراتٌ كبرى على صعيد احتياجات وتطلعات وطموح الشباب في منطقتنا، بمن فيهم شباب فلسطين، والذين برزت إرادتهم اللامحدودة لمشاركة شباب العالم في تطلعاتهم نحو الحرية والكرامة والديمقراطية والمشاركة السياسية، وكذلك للنهوض بدورهم للخلاص من نير الاحتلال وممارساته القمعية وإرهاب مستوطنيه، تلك الممارسات التي تستهدف في مجملها إعاقة وتعطيل التنمية في بلادنا، والاستمرار في السيطرة على مواردنا وإعاقة تنفيذ المشاريع التنموية في أكثر من 60% من أرضنا المحتلة، هذا بالإضافة إلى الحصار وفرض نظام التحكم والسيطرة، وما يولده ذلك من فقر واستمرار في ارتفاع معدلات البطالة التي يعاني منها شبابنا. وقد شكل هذا الواقع سبباً إضافياً لمضاعفة جهودنا في التصدي لهذه القضايا، والاستجابة لاحتياجات الشباب ومطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا بل، والسياسية أيضاً. فنحن نسعى في نهاية المطاف إلى بناء جيل قادر على المساهمة في تحقيق أهداف مشروعنا الوطني، والمتمثلة أساساً في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

ورغم التهميش والحرمان الذي عانت منه فئات واسعة من الشباب على مدار سنوات طويلة، فقد ساهموا، وبقوة، في حماية وصون الهوية الوطنية وبلورتها، وكان لهم دور ريادي في مسيرة شعبنا النضالية لنيل حريته واستقلاله. كما كان لهم فضل كبير وإسهام ملموس في الحفاظ على الموروث الثقافي وتكريس مفاهيم العمل التطوعي والتضامن الاجتماعي التي ساهمت جميعها في حماية النسيج الاجتماعي، وفي توفير مقومات الصمود لشعبنا. نعم، هناك دورٌ كبير لعبه الشباب في الماضي. وهذا الدور، من الممكن، بل من الواجب، أن يتعاظم في المرحلة الراهنة وفي المستقبل، سيما وأن شعبنا ما زال في غمار كفاحه المتواصل من أجل التحرر الوطني والبناء الديمقراطي.

إن تحقيق هذا الأمر يتطلب فتح الآفاق لتوسيع نطاق مشاركة الشباب كماً ونوعاً في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، والارتقاء بمستوى الرعاية والخدمات التي تقدم لهم. فالاستثمار في هذا القطاع يمثل أحد أهم متطلبات التنمية في بلادنا، وعلينا تقع مسؤولية بلورة الحلول الملموسة للقضايا والمشكلات التي يواجهها، وبما يساهم في بناء قيادات شابة مؤهلة ومدربة وقادرة على الإسهام في تعميق جاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة، وترسيخ ركائزها وبنيتها التحتية، بما في ذلك في القدس الشرقية، العاصمة الأبدية لدولتنا المستقلة، وفي المناطق المسماه (ج)، وفي قطاع غزة الحبيب. فكما تعلمون فإنه لا دولة دون القدس الشرقية عاصمة لها، ولا دولة دون قطاع غزة. وبالتأكيد، تقع على عاتق الحكومة المسؤولية الأساسية لاحتضان ورعاية جميع الأنشطة الشبابية ومبادراتهم وإبداعاتهم، والعمل على تلبية احتياجات ومتطلبات عمل مؤسساتهم بتوفير كل ما من شأنه تشجيع مثل هذه البرامج وتمكين المؤسسات الشبابية من تعزيز دورها وتنظيم انخراط الشباب في بناء مستقبل فلسطين الواعد بالخير والعطاء. وهنا فإنني أدعو القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية لتطوير مشاركتها والإسهام بفاعلية أكبر في الجهد المبذول، وعلى كافة المستويات، لتنمية قدرات الشباب، والاستثمار فيها لما لها من عوائد على مستقبل فلسطين السياسي، واقتصادنا الوطني، والتماسك الاجتماعي بين فئاته المختلفة.

إن النهوض الشامل بواقع الشباب وفتح أفاق المستقبل أمامهم، يستدعي بذل أقصى الطاقات والمضي قدماً نحو إنهاء الانقسام وواقع الانفصال، باعتبار ذلك شرطاً لا يمكن بدونه النجاح في تحقيق أهداف مشروعنا الوطني، وفي مقدمتها الخلاص التام من الاحتلال، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967. وهنا فإنني أتوجه بالتحية إلى شبابنا في قطاع غزة، والذين مازالوا يعانون من الحصار والانقسام، مؤكداً على ضرورة بذل كل ما يمكن لإنهاء هذا الانقسام وإعادة توحيد الوطن ومؤسساته، واستمرار العمل على كافة المستويات لإنهاء الحصار المفروض على شعبنا في القطاع، كما أؤكد التزامنا التام بحق الشباب في الحصول على مستوى لائق من الحياة الكريمة في جو تسوده الحرية والكرامة الوطنية والتعددية.

نعم، لقد اثبت شبابنا أنهم قادرون على تحمل مسؤولية النهوض بالحركة الشبابية، والإسهام في إعادة نهوض الحركة الوطنية لاستكمال مشروع التحرر والاستقلال الوطني، والمشاركة الفاعلة في عملية ترسيخ ركائز ومقومات دولة فلسطين، ونظامها السياسي والاجتماعي على أساس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. ولنا كل القناعة والالتزام بحق الشباب في المبادرة والعمل، وأؤكد لكم أن سلطتكم الوطنية ستظل ملتزمة بتمكين هذه المؤسسات، ومساعدتها على القيام بواجباتها في تقديم الخدمات اللازمة لتنمية الشباب. وهنا تكمن أهمية هذا المؤتمر في العمل على تقديم تصور عملي ومدروس، ليشكل أساساً للتحرك والسير بخطوات ثابتة تجاه قضايا الشباب، بالإضافة إلى بلورة توصيات واضحة ومحددة وقابلة للتنفيذ تستهدف التدخل على كافة المستويات لتعزيز الريادية في أوساط الشباب. وأؤكد لكم التزامنا بالعمل معكم لتحويل أعمال ونتائج وتوصيات مؤتمركم إلى واقع ملموس يحقق تطلعاتكم. وأنتم مدعوون أيضاً للمبادرة، والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والعامة، وعلى مستوى المجتمع المحلي. وهنا، فإنني أعتقد بصوابية وعدالة مطالبكم لتعديل القانون الانتخابي بما يخص تخفيض السن القانوني للمرشحين، وذلك لضمان توسيع قاعدة المشاركة الشبابية في الحياة السياسية.

وقبل أن أختم حديثي، اسمحوا لي بأن أتوجه بالتهنئة لكل أبناء شعبنا بأعياد الميلاد المجيدة التي تزهو بها فلسطين، ويحق لشعبنا أن يفخر بمدى عمق تماسكه الاجتماعي. إذ يحتفل بهذه الأعياد كل أبناء شعبنا بمختلف أديانهم ومذاهبهم، توحدهم بشائر الميلاد بوعد الحرية والاستقلال. فكل عام وأنتم بخير.

وفي الختام، فإنني أتوجه بالتحية إلى العاملين في وزارة الشباب، وكافة المؤسسات الشبابية والمتطوعين الذين عملوا على التحضير لهذا المؤتمر والمؤتمرات التمهيدية الأخرى، وكذلك إلى الجهات الداعمة، وخاصة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP. وأتوجه بالشكر أيضاً لمؤسسات قطاع غزة والمنتديات الثقافية والأندية الرياضية. والى كل شباب فلسطين في الوطن والخارج. وجزيل الشكر أيضاً لكافة المؤسسات العربية والدولية الصديقة التي وقفت وتقف مع شعبنا، وعلى ما تقدمه من دعم حيوي لقطاع الشباب ومؤسساته وللمؤسسات التعليمية والثقافية والرياضية والإبداعية وغيرها. فالشباب هم الحاضر وهم المستقبل، وإن وحدتكم وتواصلكم في مختلف أنحاء وطننا الحبيب وفي منافي الشتات، والتي يجسدها هذا المؤتمر، تعتبر رافعة أساسية لوحدتنا الوطنية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.